أثارت لافتة وضعتها شبكة الاعلام العراقية في ذكرى ولادة الرسول الاعظم محمد (ص) استهجان المثقفين ومرتادي شبكة التواصل الاجتماعي بعد تداولها لما تضمنته من اغلاط املائية كارثية تسيء لسلامة اللغة العربية التي تقيم بعض المؤسسات الثقافية دورات للمحافظة عليها فقد اصبحت اللغة العربية التي كنا نتبارى فيما سبق لإتقانها عن طريق المطالعة الخارجية والابحار في عوالمها النحوية وجمالياتها مادة للتندر لدى الجيل الجديد الذي يتبارى بدوره في استخدام كلمات ومصطلحات اجنبية للدلالة على تحضره وتطوره ليس ثقافياً ومعرفياً بالتأكيد فالثقافة والمعرفة لايعبر عنها ببضعة مصطلحات يتم استخدامها بشكل مشوّه كما ان التحضر لايعني ارتداء أزياء غريبة واستخدام تقليعات مستوردة ابرزها تطريز اللغة العربية العامية بمفردات غربية ..
لاأظن إن قضية لافتة شبكة الاعلام العراقية تستحق كل هذه الدهشة والاستغراب فكلنا يعلم إن مايحدث في العراق هو عملية نسف شاملة للتعليم والثقافة تبدأ من طرق تدريس المناهج الدراسية التي تملأ أدمغة الطلبة بمعلومات لايفقهون شيئاً منها فيلجأون الى حفظها فقط وبالتالي نسيانها بعد تخرجهم من المراحل الدراسية وحتى سوء استخدام الشبكة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المتحضرون في العالم لزيادة معلوماتهم وتطوير ثقافتهم وإطلاعهم ..القضية تشمل أيضا استسهال النجاح في المراحل الدراسية كافة عبر اللجوء الى وسائل جديدة كالوساطات وسرقة الاسئلة الامتحانية والغش في الامتحانات والتلاعب بالدرجات النهائية وقبول من لايستحق قبوله في الجامعات والدراسات العليا بالاعتماد على الانتماءات الحزبية والتفضيل المتكئ دوما على فقدان قريب في حرب ما ..وماأكثر الحروب في العراق ! وهكذا يمكن أن تصادف طالب دراسات عليا لايجيد كتابة رسالة جامعية وخريجون لايكملون كتابة جملة واحدة من دون أغلاط نحوية ولغوية وبالتالي يصبح من العادي جداً أن يكتب أحد الخطاطين الجدد لافتة يغتال فيها حرف الضاد الذي يزين لغتنا العربية ويميزها عن قريناتها، فلماذا يعتبر المثقفون مافعله جريمة لاتغتفر بينما يتم اغتيال ثقافة وتاريخ شعب باكمله بشتى الوسائل ..اشغاله بالحروب المتعاقبة ، انهاكه بحصار اقتصادي ثم انواع مختلفة من الاحتلال فمرة ( يتأمرك) بفعل الاحتلال الامريكي وتارة ( يتأسلم) بفعل احتلال التنظيمات الاسلامية الارهابية ، وبين هؤلاء واولئك تضيع الهوية العراقية تدريجيا وتنتج لنا اجيالاً من التابعين المقلدين لكل ماهو طارئ وجديد بينما يصبح المثقفون الحقيقيون والذين يحاولون الحفاظ على تراث العراق وأصالته وتاريخه ولغته العربية شريحة معذبة لأنها تشعر بحجم معاناة فقدان الملامح العراقية والعربية الحقيقية وتعجز عن إزالة الرتوش وآثارعمليات التجميل التي طالت تلك الملامح مع تعاقب السنين فحولتها الى مسوخ مشوهة لاتشبه الأصل ولاالنسخ المقلدة ..علينا ألا نعلق فشلنا إذن على لافتة صدرت من واجهة اعلامية عراقية بل على عقود من الاستسلام لموجة ( نسف ) لكل ماهوعراقي أصيل ...تحت مسمى ( التغيير ) ..
أغلاط كارثية
[post-views]
نشر في: 4 ديسمبر, 2017: 09:01 م
جميع التعليقات 1
مهند البياتي
مع الأسف مشكله غالبيه العراقيين، هو التفريق بين الضاد و الظاء و خاصه عند اللفظ، فلا تستطيع التمييز بينهما عند سماع كلمتي ضفدع او ظافر مثلا، و لم يركزوا عليها في جميع مراحل التعليم، و لا يدرسون القواعد الخاصه بكتابتها، و لا استطيع معرفه سبب هذا الامر.