يبيّن آخر تقرير لهيئة المنافذ الحدودية، أن حجم الإيرادات المستحصلة من هذه المنافذ بلغ 60 مليار دينار في شهر تشرين الثاني المنصرم، وهو مبلغ يُعدّ جيداً مقارنة بأشهر سابقة، لكنه لا يتناسب مع مستوى الطموح ولا يتلائم مع ما تستهدفه موازنة 2018 من تعظيم للموارد غير النفطية. وكما ترى اللجنة الاقتصادية البرلمانية، فإن الخلل لم يزل قائماً في عملية الجباية التي لو طبّقت بشكل صحيح لأمكن تحقيق نسبة 25% من حجم الموازنة من عوائد المنافذ.
الهيئة العامة للمنافد الحدودية، أوضحت في تقريرها الأخير، أنّ منفذ سفوان الحدودي في محافظة البصرة حقّق أعلى الايرادات، بقيمة 21 مليار دينار، فيما جاء منفذ زرباطية ثانياً بإيرادات وصلت إلى 12 مليار دينار عراقي، يليه منفذ مندلي بـ7 مليارات دينار عراقي، فضلاً عن إيرادات المنافذ الأخرى.
رغم رفع الضريبة على جميع السلع والمواد المستوردة، فإنه لا توجد جباية حقيقية تعود بالفائدة على خزينة الدولة، لعدّة أسباب أهمها الفساد الموجود في جميع المنافذ الحدودية والذي وصل الى حد غير معقول ولا يطاق، بحسب قول رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية النائب أحمد الكناني الذي يؤكد إن لجنته "اقترحت مراراً أن تكون هناك طريقة وآلية جديدة لجباية العوائد في المنافذ، فإما أن تصبح الجباية إلكترونية وإما أن يتم اعطاء الإدارة لشركة اجنبية للإشراف والجباية، وهذه الشركة تأخذ نسبة صغيرة، أو يتم الاتفاق مع الحكومة لاستحصال أجور معينة بنسبة بسيطة وفق آلية محددة"، متابعاً: "المهم لدينا هو أن تكون هناك جباية حقيقية للموارد لتعود على خزينة الدولة بالفائدة".
يقول الكناني في حديث لـ (المدى): " نعم يوجد تحسن في واردات المنافذ في النصف الأخير من هذا العام وذلك بسبب تطبيق الضريبة، كما أن السبب الآخر يعود الى تعليق العراق لعضويته في منظمة التجارة العربية، لغرض وضع كمرك على المواد المستوردة التي تدخل للعراق، الأمر الذي ساعد كثيراً في دعم العجز في موازنة 2018، حيث ارتفعت قيمة الايرادات غير النفطية الى 12 ترليون دينار واغلبها من عوائد المنافذ، لكننا نبقى نطمح لأن تبلغ نسبة الايرادات من المنافذ 25% من الموازنة، وهذا رقم نستطيع أن نحققه، لكن المشكلة لدينا مازالت في جباية الأموال".
ويستطرد الكناني قائلاً: "نحن نرى اليوم البنك المركزي يبيع في مزاده 200 مليون دولار في اليوم لتغطية السلع والخدمات، ما يعني أنه يبيع في الشهر 4 مليارات دولار، وفي السنة 50 مليار دولار، واذا كنا نجبي على نحو صحيح من المنافذ، فالمفروض أن نحصل على 12 مليار دولار، أو ما يعادل 14 ترليون دينار، لصالح الموازنة"، ويضيف:" أين تذهب الاموال غير المجبية سوى أنها تدخل في جيوب الفاسدين الموجودين في المنافذ، لذلك نريد القضاء على هذا الفساد الذي يخسر العراق بسببه الكثير من أمواله"، وشدد على انه "اذا ما تم الاهتمام اكثر بمراقبة المنافذ، فإن العام المقبل سيحقّق العراق هذه النسبة في موازناته وما يشعرنا بالفرح هو سعي الحكومة الآن بشكل صحيح في قضية محاربة الفساد والفاسدين".
وتشكّلت هيئة المنافذ في 1/8/2017، بعد إقرار قانونها الصادر في 2016.
ومن المؤكد إن لايرادات المنافذ الحدودية دوراً مهماً في تعظيم الايرادات غير النفطية للموازنة العامة وتقويتها من خلال استخدام مبدأ (المثبت المالي) الذي تعتمده المالية العامة حالياً في العراق لمواجهة نقص الايرادات، بحسب ما يراه المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح، الذي يواصل في حديث لـ(المدى) قائلاً: إن التوجه في موازنة العام ٢٠١٨ لرفع الايرادات غير النفطية ومكافحة القوى الفاسدة وذلك من خلال إدخال نظم معلوماتية في التفتيش والرقابة على السلع الداخلة للعراق في المنافذ الحدودية البحرية والبرية والجوية كافة.
ويختتم مظهر محمد صالح، حديثه بالقول: إن "حجم الإيرادات المتأتية من المنافذ الحدودية تبقى لا تتناسب مع مستوى الطموح، خاصة وأن الاتجاه الراهن للحكومة هو التعاون مع شركات تدقيق وتفتيش عالمية تستخدم التدقيق الرقمي وفق المعايير الدولية، وهذه هي الخطوة التي تتجه بنا لتعظيم الموارد غير النفطية ومكافحة الفساد بكل أشكاله".