TOP

جريدة المدى > اقتصاد > مشكلة المياه تتفاقم .. وأبطالها مجالس المحافظات

مشكلة المياه تتفاقم .. وأبطالها مجالس المحافظات

نشر في: 29 نوفمبر, 2017: 12:01 ص

أزمة المياه الحادّة التي ضربت أغلب المحافظات العراقية أثّرت، بحسب المعنيين، على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، الأمر الذي يؤذي الطبقات الفقيرة  وبخاصة الفلاحين وغيرهم، وتترتب عليهم كلف اقتصادية كبيرة تضر بالبلد. وفيما يؤكد المعنيون أنها أزمة داخلية بامتياز، أبطالها مجالس المحافظات التي تحاول الاستحواذ على الحصص المائية بشتى الطرق دون مراعاة حقوق المحافظات المجاورة، فإنهم يحذّرون من أن استمرار هذه الأزمة يعني أننا لن نحقق الاكتفاء الزراعي للوصول إلى الأمن الغذائي الذي طالما سعينا لتحقيقه.

وكانت عدّة محافظات وسطى وجنوبية قد اشتكت من شح في المياه وعدم حصولها على حصصها المائية بشكل سليم، فيما راح عدد من المحافظات يكيل التهم إلى بعضها البعض بالتجاوز على الحصص المخصّصة لكل محافظة. وحيث أعلن مجلس محافظة ميسان عزمه على رفع دعوى قضائية ضد حكومتي محافظتي واسط وذي قار لـ"تجاوزهما" على حصّة المحافظة من المياه، أكدت نائبة عن ذي قار، إنّ المحافظة تتعرض لـ"كارثة" بسبب أزمة شح المياه لتجاوز بعض المحافظات بهذا الشأن، داعية رئيس الوزراء حيدر العبادي للتدخل شخصياً لإنهاء الأزمة.
يقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان في حديث لـ(المدى)، إنّ الناتج الزراعي يعتمد بشكل رئيس على المياه سواء في وسط العراق أو جنوبه، فيما يعتمد الشمال في قسم من زراعاته على الأمطار الديمية، لذلك فإن مساهمة الزراعة في الإنتاج المحلي كبيرة، بالتالي ونقصها يؤذي الطبقات الفقيرة كالفلاحين وغيرهم، خاصة وأن لدينا بساتين يصل عمرها الى مئات السنين، وشح الماء يعني كارثة حقيقية لأصحابها، مواصلاً الحديث: وهذه أيضاً كلف اقتصادية كبيرة تضر بالبلد، وهنا نحن بدلاً من أن نصل الى الاكتفاء الذاتي الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي تكون العملية عكسية في ظل شح المياه، التي ستعقبها بطالة، لأن الفلاح عندما تكون المياه شحيحة تبور لديه الكثير من الأراضي، ولن تزرع وهي كلف اضافية على المجتمع وعلى الفلاح بشكل رئيس.
ويرى انطوان أن: النقطة الأهم هي أن لدينا نقصاً في عملية التفاهم مع دول الجوار المتشاطئة معنا على الأنهار، سواء كانت سوريا أو تركيا أو ايران، وهنا رغم الجهود التي تبذلها وزارة الموارد المائية، لكن ومما يؤسف له، كلها لاتزال دون مستوى الطموح، وهنا العراق يمكن أن يمارس ضغطاً على تلك الدول بشكل آخر عبر المنظمات الدولية أو من خلال التعامل التجاري والسياحي.
وبحسب تحذيرات لمعنيين في الشأن الزراعي، فإنه في حال عدم تدارك الأمر في بعض المحافظات، كالنجف وغيرها، فإن زراعة الرز معرضة للتلف مما يؤدي الى خسائر مالية كبيرة للمزارعين أنفسهم، الأمر الذي أشار له رئيس مجلس ناحية مندلي في محافظة ديالى ازاد المندلاوي، حيث بيّن هلاك ألف دونم زراعي في الناحية بسبب الجفاف، داعياً إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء أزمة المياه في مندلي.
من جهة أخرى، يقول المهندس الاستشاري والمنفّذ لمشاريع المياه الاروائية في وزارة الموارد المائية، رياض عبد الكريم في حديث لـ(المدى) إن المشكلة تكمن في عشوائية توزيع الحصص المائية والتي حصلت بسبب السياسات الخاطئة من قبل الدولة العراقية منذ عشرات السنين، حيث لم تكن هناك ستراتيجية للحفاظ على الحصة المائية للعراق، وهذا إهمال قد يكون متعمداً وغير متعمد بسبب الحروب والمشاكل التي مر بها البلد فيما بعد، مستدركاً القول: إنّ بروز هذه المشكلة الى السطح الآن يعود الى مشكلتين اساسيتين هما شح المياه، والمشكلة المناطقية، فقد تحوّلنا من محاصصة مذهبية وطائفية واثنية الى محاصصة مناطقية، حتى أصبحت كل محافظة تحاول الاستحواذ على الحصص المائية بشتى الطرق للمحافظة المجاورة لها.
ويتابع: من جهة أخرى، فإن الكثير من قرارات وزارة الموارد المائية لا تؤخذ بجدية لدى الحكومات المحلية، بالتالي فإن الضعف الذي تعانيه الدولة يعد أحد المشكلات المهمة التي خلقت هذه الأزمة، كون التمدّد على الصلاحيات مسألة خطيرة ويجب معالجتها، مبيناً: وجود مشكلة أخرى هي الملوحة في المياه في محافظة البصرة التي لم تحل حتى اليوم، لذلك فإننا نؤكد أن المشكلة داخلية بامتياز قبل أن تكون خارجية، بل داخل المحافظات نفسها، من ثم خارجية تتعلق بالقوانين الدولية والأنهار والأحواض والدول المتشاطئة، وهذه أيضاً مرتبطة بقوة المفاوض العراقي وبرصانة الجبهة الداخلية التي يجب أن تكون داعمة للحكومة وللجهات المختصة بهذا الملف، لافتاً الى أنه، وبدراسة بسيطة أجريت كمثال، فإن كل قطرة ماء تقع في بيت تصل بالشهر لإهدار بالماء بحدود متر مكعب، وإذا ما أخذنا هذه الكمية على ألف بيت تُراق به هذه القطرة، فسيكون المجموع لدينا في الشهر ألف متر مكعب يذهب هدراً، وهذا يعود لعدم وعي للمحافظة على المياه ومعرفة أهميتها.
وكانت وزارة الموارد المائية قد تحدثت عن عدم وجود خزين مائي في العراق بسبب شح الأمطار والانخفاض الكبير في منسوب نهر الفرات، كما حذّرت مديرية الموارد المائية بدورها، المزارعين من التجاوز على حصص المياه، كونها لن تطلق أية زيادات مائية لضمان عدم حدوث الشح في مياه الشرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي
اقتصاد

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي

بغداد/ المدى أعلنت وزارة النفط، اليوم الجمعة، تخفيض وتقليص صادرات العراق من النفط الخام وتقليل استهلاكه المحلي. وذكرت الوزارة في بيان، تلقته (المدى)،: "تماشياً مع التزام جمهورية العراق بقرارات منظمة أوبك والدول المتحالفة ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram