TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا نحب قراءة الأدب؟

لماذا نحب قراءة الأدب؟

نشر في: 25 نوفمبر, 2017: 09:01 م

ترتقي قراءة الأدب الجيد بذائقة الانسان وتعزز روحه بالقيم الجميلة وتشير إلى جماليات الوجود التي قد يغفل عنها البشر في خضم سعيهم الدؤوب من أجل البقاء ، قراءة الأدب وابداعات أعاظم الكتاب في العالم تخفف عنا وطأة القمع في مجتمعاتنا ، تمنحنا شحنات إيجابية للتقدم في المسارات الصعبة لزمننا ، وتضيء المنعطفات المعتمة في مواجهاتنا الصعبة من أجل الحرية والجمال ، ويسمو الادب الجليل بالنزوعات الانسانية ويعزز كرامة الانسان وينضج قدرته على مقاومة الخلل وأشكال القمع ويدفع بطموحاته الى سبل التحقق .
كتب الفيزيائي والرسام والروائي الارجنتيني الكبير أرنستو ساباتو في كتابه ( الكاتب وكوابيسه ) : " لاأحد ينام في العربة التي تنقله من الزنزانة الى المقصلة ، لكننا ننام جميعاً من الولادة حتى الموت أو لعلنا لم نستيقظ حقاً ، وإحدى مهام الأدب العظيم إيقاظ الانسان السائر نحو المقصلة .."
مهمة الأدب الجيد لاتنحصر في امتاعنا وتنمية إحساسنا بأهمية الحياة الموهوبة لنا ، بل تتعدى ذلك الى إيقاظنا على حقائق شتى - قبل أن تتبدد الحياة من أيدينا - وتدفعنا لحماية حريتنا وكرامتنا والبحث عن سبل جديدة لتطوير آفاقنا الثقافية والاستفادة من تجارب أدباء العالم الكبار في مواجهة الوجود.
في مقالة طويلة له بعنوان ( لماذا نقرأ الأدب ) يكتب الروائي ( ماريو بارغاس يوسا ) :
( لاشيء يحمي الإنسان من غباء الكبرياء والتعصب والفصل الديني والسياسي والقومي أفضل من تلك الحقيقة التي تظهر دائمًا في الأدب العظيم: إن الرجال والنساء من كل الأمم متساوون بشكل أساسي، وإن الظلم بينهم هو مايزرع التفرقة والخوف والاستغلال.)
يعلم يوسا ونعلم أنه عندما يتسيّد الجهل والخرافة تشتد محاربة الفكر المستنير وتحظرالأعمال الابداعية المبشرة بالحرية والداعية الى مقاومة القمع والتسلط والاستغلال الذي تمارسه الاحزاب المتشددة فكريا ودينيا في كل مكان من عالمنا ، وتشجع تلك القوى المهيمنة أنماطاً محبطة من الادب الرقيع والكتابات الهابطة المتزلفة واشكالاً من المديح البائس للسلطة القامعة مثلما تشجع الفن الهابط ، بينما يقوم رقابيو تلك السلطة من جانب والمشرفون على وسائل إعلامها بنشر التفاهة والسفاهة والخرافة و السلوك الطائفي والتشدد العرقي وتخريب موائل الجمال وإحراق كتب الفكر ومحاربة الفن الراقي لتمكين تلك السلطة من اختراق وعي الحشود وتحييدها و إغراقها بكل ماهو تافه وردئ من الأعمال الادبية والفنية المخدرة .
يقول ماريو بارغاس يوسا :
(لايوجد من يعلمنا أفضل من الأدب أننا نرى برغم فروقنا العرقية والاجتماعية ثراء الجنس البشري، ولايوجد ماهو مثل الأدب ما يجعلنا نكافئ ونمجد فروقنا بوصفها مظهرًا من مظاهر الإبداع الإنساني متعدد الأوجه. )
يهبنا الادب الراقي- مثل أعمال تولستوي وهيرمان هيسه وكازانتزاكي وكاواباتا وخوان رولفو وغيرهم - متعة سامية ، ونعيش معه تجربة أن نكتشف ونعرف أشياء مغيبة عن وعينا تخص عالمنا وأنفسنا وعصرنا بل وكل العصور ، ونتعرف عبر قراءة الأدب العظيم إلى مانحن عليه ونتدبر تحقيق أحلامنا ونتجنب ما يهدد انسانيتنا ، وكم من قصة رائعة او رواية او قصيدة قرأناها واستطاعت أن تفجر في وجداننا توقا للجمال وتشبثاً بالحياة والقيم السامية ، وكم من عمل أدبي سوداوي دفع بنا إلى الكآبة واليأس وكراهية الحياة فخمدت طموحاتنا وماتت نشوتنا بالوجود ؟؟ وتشركنا قراءة الأدب الجيد في التجربة الانسانية وتطلعنا على أحلام واخفاقات اشباهنا والتي قد تكون أحلامنا واخفاقاتنا وقد تجاهلناها وتغاضينا عنها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram