عقيل الحطاب: تهون الأنفس والأموال من أجل علم العراق
تركت اللجنة الأولمبية الوطنية بعض الاتحادات المركزية في حيرة من أمرها بعدما ظلّت تدابير شؤونها المالية والإدارية رهن إجراءات عقيمة تكبّل طموحاتها في مسايرة بقية الاتحادات في تطوير منتخباتها ومدربيها ولاعبيها وحكامها بسبب بطء قرارات المعالجة وتأجيل ملفاتها على ذمة تحقيقات النزاهة أو انتظار حكم قضائي أو ترقّب انتخابات جديدة تضع الهيئة العامة القول الفصل باختيار هيئاتها الإدارية.
ومنذ حزيران 2015 ولما يزل اتحاد التايكواندو يُدار من قبل لجنة مؤقتة ممنوعة من التصرّف بالمال العام بسبب تجميد عمل الاتحاد نتيجة خروق إدارية خلال الفترة السابقة ما دعت رئيس الاتحاد السابق د.محمود شكر الى تقديم استقالته وصدور قرار إيقاف الاتحاد الشرعي من دون أية نتائج لاحقة تبيّن موقفه الرسمي، الأمر الذي انعكس سلباً على لعبة التايكواندو وبخاصة مدربي الأندية والمنتخبات الذين يضطلعون بمسؤولية إعداد جيل متعافى فنياً وبدنياً بحاجة الى المال والمعسكرات والبطولات للارتقاء بمستواه وتحقيق المراكز الأولى عربياً وآسيوياً ودولياً.
(المدى) ضيّفت مدرب المنتخب الوطني ونادي الشرطة بالتايكواندو عقيل الحطاب الحاصل على حزام 6 دان والعائد مؤخراً من بطولة كوريا الجنوبية المفتوحة بالتايكواندو، تحدّث في جوانب عدّة عن مشاركته والنجاح الباهر الذي تحقق فيها، وآلمنا في جانب آخر عن معاناته في كيفية تأمين نفقات السفر والإقامة بالعاصمة سيئول برغم أن الوفد مثّل العراق رسمياً بين ستين دولة ثمّن الاتحاد الدولي للعبة بانبهار تواجد العراق بينها، آملين أن تكون شهادة الحطاب دافعاً للجنة الأولمبية الوطنية كي تسارع خطاها لإنهاء محنة اتحاد التايكواندو ذي التاريخ المشرّف للرياضة العراقية أبطالاً ومنجزات.
إدارة مؤقتة بلا مال
يقول عقيل الحطاب، منذ سنتين ونصف السنة لا يُعرف مصير اتحاد التايكواندو بعد قرار اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية تجميده وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤونه من دون أن تمتلك الصلاحية المالية للانفاق، ولا خيار أمامنا إما أن نستسلم الى الواقع ونغيب عن المشاركات الخارجية أو نتدبّر أمرنا من أموالنا الخاصة على أمل أن يتغيّر واقع الاتحاد نحو الأفضل، وقررنا أن نمضي بلاعبينا الموهوبين الى بطولات المنافسات القارية والعالمية مستفيدين من دعم اللجنة المؤقتة في منحنا الكتب الرسمية فقط، وكذلك بالنسبة للجنة الأولمبية في تأييدها الى الجهات ذات العلاقة لتسهيل مهمة إيفادنا، وعدا ذلك لا يوجد أي دعم مادي على الإطلاق من المؤقتة أو الأولمبية.
مشاركة بهدف التصنيف
وأضاف – أسوة بالعديد من المدربين المصنّفين ممن لديهم مدارس متخصصة في تنشِئة جيل رياضي متفوّق في اللعبة توجَّه لهم دعوات للمشاركات الخارجية، تلقّت مدرستي (النمور العراقية للتايكواندو) دعوة للمشاركة في بطولة كوريا الجنوبية المفتوحة للناشئين والشباب والمتقدمين "رجال ونساء"، شاركت فيها 60 دولة عالمية مثل إسبانيا وأميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وغيرها، بعدما تلقّت دعوة من الاتحاد الدولي للعبة يوم 11 تشرين الأول الماضي للمشاركة فيها، وبالفعل تم ترشيح اللاعب مؤمّل علاء حسين (11 عاماً) منتمٍ لمدرستنا ضمن فئة الأشبال، وولدي لاعب المنتخب الوطني ياسر عقيل (22 عاماً) يلعب لنادي بغداد فئة المتقدمين، وقدّمنا أوراقنا الى سفارة كوريا الجنوبية لاستحصال التأشيرة التي منحت لنا مباشرة يوم 24 من السفير الكوري حيث اتصل بي موظف السفارة وقال "احجز تذاكر الطيران يوم غد"، وبالفعل جهّزنا حقائب السفر ودفعنا رسوم المشاركة التي تمنحني شهادة تصنيف عالية من الاتحاد العالمي تؤيد أنني حاصل على تصنيف عالمي إذا ما أقدمنا على تمثيل بلدنا في دورة الألعاب الأولمبية.
انسحاب 5 رياضيين
وتابع - انطلقت الرحلة الى العاصمة القطرية الدوحة ومنها الى العاصمة الكورية سيئول بدءاً من يوم 25 تشرين الأول، وبرفقتي ياسر وعلاء، وكان من المؤمل مشاركة 5 لاعبين أيضاً، لكن لعدم تمكّنهم مادياً من دفع تذاكر الطيران (ذهاب - إياب) 1600 دولار للشخص الواحد عدا تكلفة الإقامة والطعام والتنقل هناك في كوريا قرروا الانسحاب، ووصلنا سيئول يوم 26 بالساعة 6.30 مساءً، حيث استقبلنا رئيس اتحاد آسيا الكابتن لين (66 عاماً) مدرب روسيا وافغانستان والحاصل على لقب أول بطل عالمي للتايكواندو، وذهب بنا الى فندق قريب الى مدرسته في مدينة اوشن على حسابنا الخاص لنؤدي تماريننا بسهولة، ثم ذهبنا الى فحص الوزن.
ذهبيتان وبرونزية
وأشار الحطاب الى أن مدة البطولة كانت خمسة أيام (28 و29و30 و31 تشرين الأول و1 تشرين الثاني)، لكننا لم نطل البقاء في كوريا كون مشاركة ياسر ومؤمّل انتهت يومي 28 و29 وهما يكفيان لتنافس جميع الأوزان وتصفية المـتأهلين، وبالنسبة لفئة المتقدمين تتكون من ثمانية أوزان، يبلغ وزن ياسرعقيل 58 كغم أي ثانياً بعد وزن 54 كغم ثم 62 كغم و67 كغم وهكذا صعوداً لبقية الأوزان، وبالنسبة للأشبال هناك عشرة أوزان، وزن مؤمّل 29 كغم، وقبله ثلاثة أوزان 22و24و26، ولهذا انتهت منافسات ياسر ومؤمّل يومي 28 و29 كما ذكرت، حيث تأهّل ياسر الى النهائي وحاز على الميدالية الذهبية في وزنه، كما مُنح ميدالية ذهبية مع شهادة تقديرية عن "أفضل لاعب مشارك بروح قتالية" بقرار اللجنة المنظمة للبطولة المفتوحة، وبالنسبة لمؤمل فاز على بطلي بنغلاديش وباكستان ثم خسر أمام بطل كوريا الجنوبية الذي نال الميدالية الذهبية في اختتام المنافسة بينما حصل ياسر على الميدالية البرونزية.
أطعمة مجهولة!
وكشف الحطاب، أن الوفد لم يتمكن من تنوّع تغذيته المعتادة بسبب مجهولية الأطعمة في سيئول وعدم استلطافه لها، وتم تناول طماطم صغيرة وورق خس وبيض سلق صباحاً مساءً، ولهذا قررنا أن نغادر سيئول عائدين الى بغداد يوم 30 تشرين الأول، خشية نفاد المبلغ المحدود ، وعندما حاولت تعديل موعد السفر الى 30 تشرين الأول بدلاً من 3 تشرين الثاني، برزت لدينا مشكلة حيث أبلغني الموظف الكوري بمكتب الحجز أن تكلفة تغيير تذكرة العودة للشخص الواحد 450 دولاراً، وفي حسبة بسيطة فإن تكلفة بقائنا نحن الثلاثة كل يوم في سيئول تتجاوز 450 دولاراً، أي ما قارب 2000 دولار عن خمسة أيام، لهذا اضطررنا الحجز من أحد مكاتب بغداد، وأمّن لنا موعد العودة يوم 30، بدفع 65 دولاراً لكل شخص عن قيمة تغيير الموعد، وطلبت أن تصلنا التذاكر عبر برنامج الفايبر، وحال وصول التذاكر الالكترونية ذهبت الى اللجنة المنظمة للبطولة وباركت جهودها القيّمة في التنظيم والشخصيات الحاضرة يتقدمهم رئيس الاتحاد العالمي للتايكواندو، ونائبه ورئيس الاتحاد الروسي، ورئيس الاتحاد الصيني، إضافة الى 26 خبيراً عالمياً يحمل حزام 9 دان فما فوق.
حزن درجال
ولفت الحطاب في اختتام حديثه، إنه في طريق العودة الى العاصمة بغداد، توقفنا طويلاً في مطار الدوحة لأكثر من 8 ساعات – ترانزيت -، ولما طلبنا البقاء في أحد الفنادق حسب ما تنص عليه قوانين الطيران الدولية رفضت الشركة الناقلة ذلك بذريعة أننا لم نفاتحهم قبل اسبوع لإجراء اللازم، لكن نتيجة ظروف غلق مطار بغداد الدولي فجر يوم 30 تشرين الأول وتغيير موعد اقلاع طائرتنا لأكثر من ثلاثة توقيتات، قررت إدارة المطار نقلنا الى فندق في الدوحة، وهناك التقينا بالنجم الدولي السابق عدنان درجال الذي أحاطنا بالرعاية وأعرب عن سعادته لما تحقق من انجاز في سيئول ووعد بتكريم الوفد لاحقاً، والتقطنا معه صوراً عدّة اعتزازاً بلقائه، وقبل أن يودّعنا قال وهو يشير الى قلبه "يقتلنا الحزن الكبير هنا لما يواجهه رياضيو بلدنا الأبطال من تهميش وإهمال وقلة دعم برغم أنكم ترفعون الأعلام والرؤوس، ولا يجوز السكوت على معاناتكم وسأنقلها الى وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان ورئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي، فالدول هي من ترعى الأبطال الصغار وتنفق الأموال على صناعة الإنجاز وليس العكس"!
ثقة عمومية اللعبة
واختتم عقيل الحطاب، إن مجموع ما أنفقته في الرحلة الكورية يبلغ 7580 دولاراً، شاملاً التذاكر والإقامة والطعام والتنقّل، وهذا المبلغ توفّر من عائد بيع سيارتي الخاصة (سايبا) لضمان تواجدنا في البطولة بين أبطال العالم ورفع علم البلاد الذي تهون من أجله النفوس والأموال، متمنياً أن يستعيد اتحاد التايكواندو ثقة الجمعية العمومية في اجتماع قريب، ليكون فاعلاً وسط الاتحادات المركزية ويحاط أبطاله برعاية الحكومة أسوة بأبطال كرة القدم والسلة والمصارعة وألعاب القوى إن شاء الله.










