تعكف الحكومة العراقية على دراسة وبحث ملفات اقتصادية عدّة، تمهيداً لتشريع قوانين وقرارات مهمة، قد يكون أبرزها نظام الشراكة الخاص مع الدولة، أو ما يعرف بنظام البي بي بي" لتنفيذ المشاريع الستراتيجية الانتاجية الصناعية والزراعية والخدمية الكبرى، كما يكشف لـ(المدى)، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار ثائر الفيلي، الذي يؤكد إن هذه الشراكة هي الحل الأمثل للنهوض بالواقعين الاقتصادي والخدمي للعراق، والذي سيجنب أيضاً الدولة الكثير من المشاكل كالفساد وقلة الخبرة والدقة وسرعة الإنجاز للمشاريع، خاصة أننا بلدٌ يمر بمرحلة اقتصادية صعبة جداً واعتماده على النفط كمورد وحيد أمرٌ يعد في غاية الخطورة وقد يؤدي بنا الى افلاس، مما يؤخر تقديم الخدمات ويعرّض البلد لخراب اقتصادي كبير جداً.
وتحظى موضوعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص باهتمام كبير من قبل الحكومات والمجتمعات والمراكز البحثية في مختلف انحاء العالم، خاصة وانها تسهم في تطوير عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لاعتمادها على جمع امكانات المجتمع كافة بما فيها من طاقات وموارد وخبرات كل من القطاعين العام والخاص، لتشارك في تنظيمات مؤسسية تتولى انشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها بعد أن واجهت التنظيمات المؤسسية المنفصلة والمستقلة قطاعياً تحديات وصعوبات في تحقيق الأهداف التنموية بالمستويات الطموحة المستهدفة، لذلك تسعى الدول المتقدمة والأميّة على حد سواء، لبناء التنظيمات التشاركية التي تسهم فيها قطاعات المجتمع كافة في توجيه وادارة وتشغيل المشاريع والأعمال وتطويرها وتنميتها. ويلفت ثائر الفيلي في حديثه: الى أن الاقتصاد العراقي ومما لاشك فيه، يمر بمرحلة صعبة جداً والدخول أو الاعتماد على النفط كمورد وحيد أمرٌ يعد في غاية الخطورة، لأنه من الممكن أن يؤدي الى افلاس الدولة وتأخرها بتقديم الخدمات وكساد بل وخراب اقتصادي كبير جداً، لذلك لابد من انتاج حلول أخرى تساعد الدولة في تطور الاقتصاد العراقي: ومنها برامج كثيرة جداً لتطوير البلد وتقديم الخدمات واعادة بنائه بشكل صحيح أسوة مع بقية بلدان العالم التي انتشلت وضعها الاقتصادي من التخلف والتأخر الى التقدم والتطور بتقديم الخدمات، وكان أحد هذه الحلول هو النظام الاقتصادي المهم المعمول به عالمياً، وهو نظام "البي بي بي" العالمي، الذي يعني شراكة القطاع العام مع القطاع الخاص، حيث انه يعد نوعاً من الاستثمار بشراكة الدولة مع القطاع الخاص.
ويضيف: بأن هذا النظام أو الشراكة تنشأ لتقديم خدمات وبناء مصانع أي العمل على ايجاد حلول تكون الحكومة غير قادرة على توفيرها، واذا ما أخذنا على سبيل المثال موضوعة المدارس، فاليوم الدولة بحاجة الى اكثر 4500 مدرسة، كذلك هي بحاجة الى 4 آلاف أو 5 آلاف في المرحلة المقبلة، وبالتأكيد الدولة ليست لديها الإمكانية المالية، فعلى الرغم من أن الأموال التي صرفتها على المدارس كثيرة جداً، لكنها لم تبن، والسبب كان ومازال الفساد المستشري بين الدوائر، موصلاً: لذلك فإن نظام "البي بي بي" أو الاستثمار عن طريق شراكة القطاع العام مع القطاع الخاص، سيجنّب الدولة الكثير من المشاكل، وأولاها الفساد، لأن من يصرف على المشروع هو المستثمر أو الشركات أو المؤسسات المالية المستثمرة أو البنوك.
ويتابع: ومن جهة أخرى، فإن هذا النظام سيجنّب الدولة قلّة الخبرة، لأننا نعلم أن الدولة العراقية في الوقت الحاضر لا تملك هذه الخبرة، وهو أمر ليس بالغريب، بل إن معظم دول العالم لا تملك الخبرة بإدارة المشاريع كما ينبغي، وهنا وجد أن القطاع الخاص اكثر شطارة واكثر نشاطاً ودقة من الدولة، وهذا ليس في العراق فقط بل في امريكا وبريطانيا، حتى أن اكثر الدول المتطورة هي تحتاج الى خبرة ونشاط القطاع الخاص، مؤكداً: على أن الدولة في نظام " البي بي بي" على سبيل المثال، توفر الأرض والخرائط للمستثمر وتتعاقد معه، وهنا الأخير يصرف الأموال على بناء المشاريع سواء أكانت مدارس أم دور محكمة أم مؤسسات حكومية أم مشاريع خدمية أخرى، كما يقوم المستثمر بتأجيرها للدولة، وبهذه الحالة نكون قد خففنا الضغط المالي على الدولة وجنبناها الفساد ووفرنا لها الخبرة وإدارة المشاريع بشكل دقيق ومتطور. ويختم الفيلي بالقول: إن هذه المشاريع التي ستُبنّى تنطبق على كل المرافق، كالمحاكم والدوائر الحكومية الخدمية وعلى المصانع أيضاً والمعامل، وهنا تشترك الدولة بتوفير ما تستطيع توفيره وتشترك مع القطاع الخاص في عقد شراكة نظام" البي بي بي" لبناء تلك المرافق ليكون جزءاً على الدولة وآخر على القطاع الخاص، وهنا نحن أيضاً نكون قد قدمنا ضماناً للقطاع الخاص المحلي أو الاجنبي لاستثمار أمواله بما يضمن حقه، في وقت نحن المستفيد الأكبر من عقد تلك الشراكات، خاصة وأن شركات العالم تملك سيولة مالية كبيرة وتريد الاستثمار وتحريك نشاطاتها المالية بما يضمن حقها وينمّي رأسمالها.