TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأشجار تموت واقفة

الأشجار تموت واقفة

نشر في: 18 نوفمبر, 2017: 04:46 م

"ليس في الدنيا أروع من ختام مجيد لحياة إنسان صادق".
كانت هذه الكلمات قد ردّدها بدري حسون فريد قبل خمسة وأربعين عاماً وهو يقدِّم رائعة الإسباني اليخاندرو كاسونا"مركب بلا صيّاد"على خشبة مسرح كليّة الفنون الجميلة.
بدأ بدري حسون فريد قبل أكثر من نصف قرن يحلم بوطن للفرح والأمل، وانتهى بعذابات المرض وحيداً، ظلّ طوال حياته يملك حلماً كبيراً لصياغة صورة لعراق جديد شعاره المستقبل وغايته إسعاد الناس وبثّ الفرح في نفوسهم. جاء بدري من كربلاء إلى بغداد ليجد حوله جعفر السعدي وسامي عبد الحميد وزينب وسليمة خضير وناهدة الرماح وازادوهي صاموئيل، ويوسف العاني وإبراهيم جلال وخليل شوقي، القاسم المشترك بين الجميع لم يكن الاستمتاع بسحر الفن، بل لأنهم أتوا من جيل مأخوذ بحبّ المعرفة، وبالإصرار على أنْ ينشغلوا بهموم الناس البسطاء.
هل كان بدري حسون فريد يعتقد يوماً أنّ الفنّ لم يعد طريقاً إلى عقول الناس وقلوبهم، وأننا تحولنا الى بلاد تسعى لإقرار قوانين تحطّ من قيمة المرأة، ونصر على استبدال الأناشيد الوطنية بأهازيج طائفيّة.
عشق بدري حسون أعمال الإسباني اليخاندرو كاسونا، ويخبرنا صاحب الأشجار تموت واقفة ومركب بلا صياد وعشرات الأعمال التي كانت تفضح سياسة فرانكو القمعية في إسبانيا، إنه بدأ حياته ممثلاً مغموراً، لكنّه اكتشف أنّ المسرح يمكن أن يتحوّل الى منصة يطلق من خلالها الصواريخ ضدّ الانظمة القمعيّة والفاشيّة، وحين قرَّر أن يكتب للمسرح قدّم حكايات أناس تهدّهم الحياة وتدفع بهم أمامها، تعبين وحيارى. مسرحيات بلا نهايات سعيدة، لكنها تحمل دروساً بليغة، وفي رائعته"الأشجار تموت واقفة"يرمز لقوّة الإرادة عند الإنسان وهو يقف في مواجهة الظلم وجشع السرَّاق.
نقرأ في أخبار العالم المتمدِّن أنّ أكثر من 400 مليونير وملياردير أميركي أرسلوا رسالة إلى الكونغرس، يناشدون بعدم تمرير أي قانون ضريبي يزيد من تفاقم عدم المساواة. وتطالب الرسالة الكونغرس بزيادة الضرائب على الأثرياء أمثالهم.
نحن لانزال ننتظر أن يجيب أحد من المسؤولين : لماذا يعلن بلد مثل العراق حالة التقشّف وشدّ الأحزمة على البطون وهو الذي حصل من الأموال خلال عشر سنوات ما يعادل ميزانيّة قارّة أفريقيا مجتمعة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram