TOP

جريدة المدى > عام > وجوه الحب الثلاثون..علينا أن نبحث بأنفسنا عن السعادة والحب كل يوم

وجوه الحب الثلاثون..علينا أن نبحث بأنفسنا عن السعادة والحب كل يوم

نشر في: 18 نوفمبر, 2017: 05:25 م

|   30  |

 

كان في الخامسة عشرة، حساساً رقيق القلب وخجولاً بحكم التربية العسكرية الصارمة التي فرضها عليه والده الضابط القديم في الجيش العثماني ، دخل دور المراهقة متوهماً إن الحب يأتي من النظرة الاولى ، وبسبب خجله وخوفه الذي لازمه طويلاً تعثـر في علاقاته مع النساء ،  يكتب الفنان جواد سليم في مذكراته :" إن أكثـر النساء اللواتي قطعن علاقتهن معي كان سببها برودي وخجلي " .

وهو يعترف بعد ذلك إنه تأثر كثيرا بمفهوم افلاطون للحب ، ففي مكتبة والده عثر على كتاب " المأدبة " الذي يعد من أهم الكتب التي شرح لنا فيها الفيلسوف الأغريقي مفهومه للحب يقول افلاطون الحب أذن هو حب للجمال ، وإن المبدأ الملهم للرجال في حياتهم هو الحب ، وليس الثراء ولا المجد .ونجده يكتب لصديقه عيسى حنا في رسالة بتاريخ 1937 " :" الى الآن لم أتعرف الى فتاة لأجعلها صديقة لي ..أخرج معها وأشاركها قسماً من وقتي ، في عام 1938 ينتقل جواد سليم الى روما ويكتب لعيسى رسالة يعترف من خلالها :" إنني أحب ياصديقي ..أحب ..لقد رأيت كل ما كنت أتصوره عن الحب بل وأكثر " كان هذا في أوائل أيامه في روما التي مارست تأثيراً أشبه بالسحر عليه .كانت الفتاة التي أحبها اسمها ماريا ، يصفها لنا بأنها حسناء ذات شعر اسود فحم " .
في روما يقصد المتاحف وتسحره أعمال مايكل آنجلو ، ويقرأ عن تأثر هذا الفنان الايطالي الشهير بنظرية افلاطون عن الحب والخلق والتكوين ، فالعبقري الايطالي كان مشدودا الى أفكار الفيلسوف الأغريقي الذي كانت نظريته الجمالية مفتاحاً لأعمال مايكل آنجلو فيما بعد :" ليس ما أعنيه بجمال الأشكال ما يراه الناس عادةً جميلاً أو يحسبونه كذلك وراء ما يرونه من كائنات أو صوراً لهذه الكائنات ، إنما الجميل عندي قد يكون حزمة من الخطوط المستقيمة وما ينتج عنها من اشكال فريدة في ذاتها "
كان مايكل آنجلو ( 1475- 1564 ) فناناً شكلته الفلسفة والحياة ، غير أن قصص الحب الفاشلة كانت تطارده ، وبينما كان ذهنه منغمساً في أفكار افلاطون عن الجمال والحب ، كانت حياته العاطفية أشبه بالمأساة ، فقد عاش يعاني من فشل قصة حب في شبابة ، وحين عرف في الخمسين من عمره الفتاة الجميلة " فيتوريا كولينا " ، كانت هي قد خرجت من تجربة حب خاسرة ، ولهذا لم تتطور العلاقة العاطفية بينهما وظلت أشبه بالحب الافلاطوني الخالص .
************

على طريقة غادة الكاميليا
هل كان جواد سليم ينظر الى الحب نظرة إفلاطونية ؟ يكتب في دفتر يومياته :" كنت لا اتصل بامرأة إلا وأفكر ما ستقودني إليه تصرفاتي في المستقبل ، فإما أن أتركها وما إنْ أتجرد من العاطفة " يخبرنا جبرا إبراهيم جبرا ، بأن جواد سليم كان دائم البحث عن الجمال الانثوي ليتمتع بمعانيه ، وليستمد منه أعمالاً فنية .في يومياته نقرأ :" كانت الأوقات الصباحية للمعرض خاصة بالنساء ، فذهبت في أكثرها ، كنت أقضي الوقت في سماع قطع من الموسيقى والتفرج على النساء ..تلك الرقة الأنثوية الهائلة والعيون الواسعة السوداء المليئة بالرغبة المكبوتة والحياء الجذاب . وأجمل شيء لفت نظري هو هذا الرداء العجيب – العباءة – والطريقة التي يلبسن بها العباءة، وهو يتمخطرن أمام المعروضات بنعومة واهتزاز متثاقل. وهي تنزل من على رؤوسهن ثم تلتف حول أدوار الكتف وتأخذ قطعة منها في الدوران حول الذراع العاري الأسمر ويخر قسم منها إلى الأرض سابحاً حول الردفين بشكل مبهم ثم ملتفاً حول الساق الملونة " .( جواد سليم .. اليوميات – من كتاب الرحلة الثامنة جبرا ابراهيم جبرا ) .
في العام 1940 يتعرف جواد سليم على فتاة من عائلة ارستقراطية ، يكتب جبرا إبراهيم جبرا :" إن الفنان الشاب كان معجباً بعناصر الجمال التي استهوته في تلك الفترة " وفي يوميات جواد سليم نتعرف على فتاة :" سمراء ، جسدها الحار الممتلئ المثير ..شعرها الطويل المبعثر ، حركاتها ، ضحكاتها ، عطفها ، حنانها ، حبها " ونجد جواد يهيم بهذه الفتاة فيقرر ان ينصب خيمة على شاطئ دجلة قرب منزل تلك الفتاة ليراها كل يوم ، وشاهده الجميع كيف كان يدور حول البيت ولايجرؤ أن يدخل فيرجع الى خيمته ، ويكتب في يومياته :" أشعر بحالة اضطراب عندما اراها وارتجف ، واذا شاهدتها يخيم الصمت عليّ، أسير معها ثم أتركها ، قلت لها ذات يوم إن الاشياء الجميلة جداً تؤلمني بعض الأحيان " وفي مكان آخر من اليوميات يكتب ذهبت لترتدي ثوباً جديدا ، وعندما دخلت كدت انصعق في محلي ، لا أري ماذا اقول ..لقد ظهرت بثوبها هذا ، صورة من أفظع صور للجمال والفتنة .في تلك اللحظة كدت أذوب ، كدت أبكي ، أن هذه القطعة من القماش الإلهية الرائعة التي فصلتها أيدي الجنة كانت على بدنها العاري تماماً." .
ونجده يقتبس بيتا من الشعر للشاعر الانكليزي إليوت ليضعه في أول الصفحة مع تخطيط بعنوان " مرآة وجهي " :" أني أفكر كثيراً بك. ما أبعد الزمن منذ أن رأيتك !" .،
وفي صفحة أخرى يكتب انني شغوف برواية غادة الكاميليا ويقرر أن يعيد صياغة الرواية على شكل لوحات .
كانت جواد سليم يعاني آثار الحب ، وهو منذ أيام يجلس في خيمته بانتظار خروج فتاة أحلامه ، يقرأ ويخطط ويرسم ، وكل نهار يعيد قراءة صفحات من رواية الكسندر دوماس الابن "غادة الكاميليا" ، ويخبر أصدقائه انه مغرم بهذه الحكاية الساحرة وبالفتاة مرغريت التي تواجه أخلاق المجتمع الزائفة ، فتموت وحيدة بعد أن وقف الجميع ضد قصة حبها مع الشاب أرمان دوفال
حين نشر دوماس الابن روايته "غادة الكاميليا" عام 1848 كان في الثالثة والعشرين من عمره، لم يتوقع أن تحقق هذا النجاح الكبير الذي حوله ،بين ليلة وضحاها، من كاتب مغمور الى نجم تطارده المعجبات. الجميع يسأله عن الفتاة مرغريت غوتييه التي كانت تشتهر بحبها لأزهار الكاميليا ، وحكايتها وكانت مرغريت على وشك إقامة العائلة الأرستقراطية الثرية، الذي هامت به وهام بها و حين يبدآن في عيش حكاية غرام حقيقية تريد مرغريت عبرها أن تبتعد عن عالم اللهو الذي انغمست فيه، أملاً في أن يعطيها الحب طهراً تتوق إليه. وإذ يخيل إلى العاشقَين أن الحب ونبله سيدومان معهما إلى الأبد، يأتي تدخل والد آرمان، الذي يجن جنونه حين تتناهى إليه حكاية الحب بين ابنه ومرغريت ، فيسارع إلى لقائها ويقول لها إن حبها لابنه سيؤدي إلى دمار مستقبل الشاب، وسيقف عثرة في وجه مستقبله وتدفعها ونزعتها الإنسانية الى الاقتناع بمنطق الأب فتقرر بأن تضحي بنفسها وبحبها من أجل سعادة آرمان وسمعته ومستقبله.
بعد ثلاث سنوات من العشق والهيام ولوعة الآنتظار يقرر جواد سليم أنه لاأمل ، وان هذه الفتاة التي احبها لم تبادله نفس المشاعر : " اليوم أظن قد انتهى كل شيء بيني وبين ... وأظن أيضاً قد انتهى الحب بيني وبين أي امرأة أخرى ، يجب أن لا أنكر على نفسي أني وصلت عمراً جدياً يجب أن أكرسه لأمور أهم من التسلية والعواطف – الحب – وضياع الوقت. وفوق ذلك قد وصل عمري الخامسة والعشرين فأنا في طور آخر الآن غير طور الشباب. وأيضاً لا أعتقد أن امرأة أياً كانت ستتعلق بي. هذا ما أتصوره! من يدري؟ ، ونراه يختتم قصة الحب هذه بعبارة :" ستكون اللحظات والثواني التي رأيتك فيها خالدة كأيام الربيع " .
************

الحب من اللقاء الاول
خافت الأم على ابنتها الوحيدة من العيش بمفردها في مدينة كبيرة ومزدحمة مثل لندن كانت الفتاة " لورنا هيلز " في السابعة عشر من عمرها قد انهت الدراسة الثانوية بنجاح وحصلت على منحة للدراسة في معهد لاعداد المعلمين ، لكنها كانت ترغب في دراسة الفنون فتقرر أن تقدم أوراقها الى كلية سيلد للفنون ، يأتي الجواب بالموافقة .
في لندن التي تدخلها للمرة الاولى تجد سكنا لدى زوجين في السبعين من العمر ، كانت لورنا قد دخلت لندن في ايلول عام 1945 ( انعام كجه جي لورنا سنواتها مع جواد سليم) .
وصل جواد سليم الى لندن عام 1946 ، كان انذاك في الخامسة والعشرين من عمره ، يعاني من قصة حب فاشلة ، عندما شاهدته لورنا للمرة الاولى كان اشبه بالشاب العبثي في ملبسه وتصرفاته ، يهتم بالموسيقى ، والشعر وقراءة الروايات ، والأهم من ذلك كان لديه غيتارا ايطاليا وذات يوم فاجأ الجميع بارتدائه ثياباً اسبانية ، وقد ساهم حب الموسيقى والشعر والروايات في بناء علاقة صداقة بين الفتاة الانكليزية والشاب العراقي :" فكانا يذهبان معاً الى العروض المسرحية الراقصة حينما يتوفر لهما ثمن التذاكر ، أو يمضيان الوقت في الأحاديث الفنية " (لورنا سنواتها مع جواد سليم).
كان جواد سليم أول طالب عربي تتعرف عليه لورنا هيلز ، ولاحظت انه مثل معظم القادمين من الشرق ينطق اللغة الانكليزية بطريقة مختلفة وجذابة ، ولهذا شعرت منذ لقائهما الاول إنها أمام شاب يمكن أن تثق به كثيرا ، وإن صداقتهما يمكن أن تتحول الى حب في يوم من الايام ، وتخبرنا في حديثها مع انعام كجه جي إنها :" لم تقل له في ذلك الوقت انها تحبه ، ولا تذكر انه صارحها بانه يحبها او يريد أن يتزوجها ، لكنهما كانا مدركين لإحساس الحب في داخلهما ، ويشعران أن طريقهما باتت واحدة في الآتي من الايام " .
ويبدو أن لورنا كانت تشعر أن هناك ما يجذبها الى هذا الشاب الشرقي المرح ، سريع النكتة والبديهية إنها تقول :" من حظنا أننا التقينا .فلو ابديت شطارة أكبر في الفرع العلمي ، لما وصلت قدمي في سيلد يوماً".
عندما حصل جواد على شهادة التخرج عام 1949 وحان وقت عودته الى بغداد ، نجده يفكر بلورنا وحياته معها ، ويخبر اصدقاءه انه قرر الزواج منها ، وفي يوم يفاجأها بان يطلب منها ان تعرفه على أمها وابيها ، يركبان القطار الى منطقة شيفيلد التي تسكن فيها عائلة لورنا . هذه المرة يقرر جواد أن يتغلب على تردده ، وأن يعلن حبه صراحة ، وحين يواجه مشكلة مع دائرة البعثات التي تمنع الطالب من الزواج اثناء دراسته يخبر والد لورنا الذي يقول له :" عد الى بلدك أولاً ايها الشاب ، فإذا شعرت هناك انك مازلت راغبا في الزواج من ابنتي ..يكون لكل حادث حديث " ( لورنا سنواتها مع جواد سليم).
في أحد ايام شهر ايلول من عام 1950 تصل الشابة الانكليزية النحيلة لورنا هيلز الى بغداد ، وبعد اسبوع من وصولها وجدت نفسها تقف أمام قاضي المحكمة الشرعية لتصبح زوجة أشهر فنان عراقي ولتعيش معه اجمل قصة حب تنتهي بموته المبكر وتتذكر لورنا تفاصيل اللحظات الاخيرة من حياة جواد :" كنا في سيارتنا الصغيرة التي يقودها جواد متوجهين الى شارع الجمهورية ، عندما توقف زوجي فجأة ونحن وسط إحدى المستديرات ، وقال ان يشعر بوخز في قلبه ، نزلت بسرعة لآخذ القيادة بدلاً عنه ، عدنا الى البيت واتصلت بالدكتور سالم الدملوجي ، الذي تولى نقله الى المستشفى ، مرت عشرة أيام بدا لنا خلالها إن وضع زوجي تحسن وانه تجاوز مرحلة الخطر ، لكن بدأت بعض المضاعفات تسبب حالة خطيرة ، وفي نهار 23 كانون الثاني 1961 بينما أقف الى جوار سريره احمل قنينة المغذي ، لفظ جواد أنفاسه الاخيرة في صمت وهدوء وغادرنا مسرعا كعادته للحاق بموعد ينتظره " ( لورنا سنواتها مع جواد سليم )
كان جواد قبل أيام قد تسلق جدار نصب الحرية الذي اوشك على الانتهاء منه ، لينظر الى عمله النظرة الاخيرة .
في واحدة من رسائله التي بعث بها الى صديقه عيسى حنا من لندن يكتب جواد سليم : نحن نعيش كأننا لا نعيش ..نعيش في انتظار شيء لم ندر ما هو .نحن مسيرون ام مخيرون ؟ يمكنك أن تكون سعيدا ، ويمكنك أن تكون شقياً أيضاً ..اقرأ في رواية لجين أوستن إن علينا أن نكون أقوياء الإرادة ونبحث بإنفسنا عن السعادة والحب والفرح كل يوم " .
************
كبرياء وهوى
" مساء الاحد ، الساعة تقارب من العاشرة مساء ، أجلس في غرفة المكتب ، أكتب السطور الاولى من رواية جديد لم أختر لها عنوان بعد ، كانت الكلمات تنساب مني بسهولة ( من الحقائق التي يقر بها الناس جميعا ، أن الاعزب الذي يمتلك مالاً وفيراً لابد أن يكون في حاجة الى زوجة ) تركت القلم وذهبت باتجاه النافذة الطقس ينذر بالعواصف والأمطار " .
بهذه الكلمات التي كتبتها الروائية الانكليزية جين أوستن تبدأ في كتابة إحدى رواياتها الشهيرة " كبرياء وهوى " كانت في الثامنة والثلاثين من عمرها حققت روايتها " العقل والعاطفة " نجاحاً كبيراً ، وكانت قبلها قد أرسلت الى الناشر رواية بعنوان " انطباعات اولية " لم تلق استحسانا حيث رفضها الناشر ، فقررت أن تعود لها من جديد تعدل فيها وتضيف لها وتغير عنوانها الى " كبرياء وهوى " .
كانت جين اوستن فتاة جميلة ، عيناها براقتان ، شعرها مجعد ناعم ، لها وجنتان مستديرتان ممتلئتان ، وفم وأنف صغير وكانت مرحة ، بارعة في الحديث ، تحسن الغناء والرقص ، كانت مغرمة بالقراءة وسهرت ليال طويلة تذرف الدموع على "آلام فرتر" لغوته
عندما كتبت روايتها الأولى " انطباعات أولى " عام 1796 لم تجد ناشراً لها ، كانت في السابعة عشر من عمرها فقررت أن تتوقف عن الكتابة ، ويقال انها في تلك الفترة كانت تعيش قصة حب شغلتها عن التفكير بالرواية ، ويخبرنا كاتب سيرتها إنها وقعت في الحب أكثر من مرة لكن قصة الحب العنيفة عاشتها وهي في الرابعة والعشرين من عمرها ، إلا إنها لم تكن محظوظة في معظم قصص الحب التي عاشتها تكتب في سيرتها الذاتية ،
تقول لابن شقيقتها في صباح اليوم التالي من انهيار قصة الحب : " كل شيء يمكن أن يحدث، أي شيء يمكن أن يتحمله الإنسان، إلا أن يتزوج بغير حب " .
تحاول أوستن من خلال اعمالها الروائية ان تُشرك المرأة والرجل في حكاية رومانسية طرفها يجذب أحدهما الى الآخر وهي تحدد نظريتها عن الحب بالعبارة التالية :" يكون للرجل ميزة الاختيار، وللمرأة فقط قوة الرفض" . توصي على لسان اليزابيت في رواية كبرياء وهوى :" تأكّدي من أنّك تفهمين بالفعل ما تشعرين به لأنّ مشاعرك قد تخدعك، فكّري قبل أن تتصرّفي وحتّى لو مرّ الكثير من الوقت ستحبّين في نهاية المطاف وستحظين بحياة عاطفية رائعة " .
أنجزت جين أوستن خمس روايات في حياتها وسادسة نشرت بعد وفاتها ، لم تحقق لها الشهرة آنذاك، لكنها اكتسحت عالم الشهرة بعد وفاتها بـ 52 عاماً، بعدما نشر ابن شقيقتها سيرتها الذاتية. كانت أولى رواياتها " العقل والعاطفة" قد نشرت باسم مستعار عام 1811،. ثم توالت بعدها الروايات الأربع خلال ستة أعوام، ونشرت الرواية السادسة في العام الذي تلا رحليها.
أثارت روايات جين أوستن قضايا اجتماعية ونسوية مبكرة في ذلك العصر، حيث مثلت طموحات النساء في الطبقة الثرية والمتوسطة في التطلع صوب حياة أقل ألماً للوصول إلى ما يحقق ذواتهن، لا سيما ما يتعلق بتعقيدات الحب والأحلام التي تخبو في ظل حياة غالباً ما يستحوذ على تفاصيلها الرجال. وفي عرضها العلاقة بين الجنسين .
يتناول الفصل الأول من رواية " كبرياء وهوى" صوراً حول إغراء المال وينتهي بنهاية صاخبة لإحدى الشخصيات. تدور الأحداث في الريف الإنكليزي، وتحكي عن الواقع الذي تعيشه عائلات الطبقة الوسطى، ونظرتهم المتعالية إلى أفراد الطبقة الارستقراطية.
إليزابيث الابنة الثانية لعائلة (بنيت) تتمتع بشخصية مرحة، ذكية، وثائرة. تتمرد على واقعها الذي يفرض عليها القبول بأول شخص يتقدم إلى خطبتها كي يوفر لها مستقبلاً يقيها الفقر الذي تعانيه عائلتها، فتطلق أفكارها إلى ما هو أبعد من ذلك. تبحث عن الحب، الحياة، والسعادة الحقيقية. فتقودها أقدارها لتدخل في دهاليز علاقات متشابكة مع أفراد من الطبقة الارستقراطية، حيث تكتشف زيف هذه الحياة الباذخة المترفة. ورغم ذكائها، إلا أن تسرعها في الحكم على ظاهر الأمور وتصديق من تثق بهم، يجعلها تبني تصوراً جائراً لشخصية دارسي الذي تشعر نحوه بالانجذاب رغم كل شيء.
تكتب ابنة شقيقها تصف عمتها جين أوستن في خطاب وجهته الى ناشر سيرتها :" كانت العمة جين عطوفة ، وتعرف كيف تكون أكثر رقة وتهذيباً عند مخالطة الناس ، عاشت حياتها مخلصة لقصة الحب التي تملكتها وهي في الرابعة والعشرين من عمرها ، أدركت أن مرض التدرن لايمكن ان يجمعها مع من تحب ، فقررت أن تكتب وصاياها عن الحب والزواج في روايات تعد اليوم الأشهر حيث بيعت رواية " كبرياء وهوى " أكثر من 20 مليون نسخة منذ صدورها . تكتب في يومياتها :" إنّ الاستفادة من أيّ فرصة ليست دائماً بالأمر السيّئ، والحب المميّز يحتاج إلى بعض الدعم ، لذا لا تتصرّفي بطريقة دفاعيّة حين توجد الرومانسية لأنّ أيّ أمر ممكن الحصول " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

وجهة نظر: كيف يمكن للسرد أن يحدد الواقع؟

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram