TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تذكيراً بوظيفة الصحافي

تذكيراً بوظيفة الصحافي

نشر في: 17 نوفمبر, 2017: 05:12 م

adnan.h@almadapaper.net

 

الوظيفة الأساس للصحافي، أًيّاً كان مجاله الصحافي/الإعلامي، إعلام الناس بما لا يعلمون. هذه الوظيفة تستند إلى مبدأ أنّ المعرفة حقّ للإنسان، يعادل حقّه في الحياة وحقّه في الحرية وحقّه في العمل، وسوى ذلك من الحقوق الأساس.
وتستند وظيفة الصحافي والصحافة الإعلامية أيضاً إلى مبدأ أنّ الإنسان غير العارف يكون غير مكتمل في إنسانيته، فالنقص في المعرفة يجعل صاحبه غير مؤهل للحصول على العمل المناسب وبالتالي على الحياة المناسبة. والمعرفة لها في العصر الحالي مصدران رئيسان: التعليم ووسائل الإعلام.
مهنة الصحافة/ الإعلام من أشقّ المهن، فالطريق إلى الحقيقة مزروعة بالكثير من الشوك والألغام ، وكثيراً ما تواجه الصحافي صعوبات جمّة، ويكابد المحن، في سعيه للوصول إلى المعلومة، بل إن كثيراً من الصحفيين فقدوا حياتهم في هذا السبيل.
ممّا يزيد من متاعب الصحافي في بعض البلدان أن يعمل بظهر مكشوف، لا يسنده قانون يكفل حقّه في الوصول الحرّ إلى المعلومة وحقّه في النشر الحرّ للمعلومة التي وصل إليها، ولا تدعمه وتقف إلى جانبه نقابات ومنظمات تدافع عن حقّ الصحافي في معرفة الحقيقة وفي إشاعتها بين الناس.
البيئة الصحافية في العراق واحدة من أكثر البيئات صعوبة وخطراً في العالم، فليست هناك تقاليد راسخة للعمل الصحافي المهني، فيما لا تتوافر للصحافي حرية الوصول إلى المعلومة وحرية نشر المعلومة، وليس هناك قانون يؤمّن للصحافي حرية الحركة والعمل. القانون المسمّى "قانون حقوق الصحافيين" الصادر في 2011، هو قانون غير جدير بالاحترام في الواقع لأنه يضمن "حقوق" الحكومة على الصحافيين من دون تأمين الحقوق الأساس للصحافيين، وفي مقدمها حق الحصول الحرّ للمعلومة وحق النشر الحر للمعلومة.
في الأيام الأخيرة نشرنا في هذه الصحيفة تقريراً إخبارياً عن قضية ما. أحد الاطراف ذات العلاقة بالقضية أوصل إلينا معلومة بأنّ ما ورد في التقرير غير صحيح جملة وتفصيلاً. هذه الصحيفة ليست من نوع الصحف الموصوفة بـ "الصفراء" اللاهثة وراء الأخبار المثيرة، والمتعمّدة نشر المعلومات الكاذبة. هذا ما يجعلنا نراجع ما نحصل عليه من معلومات مرتين وأكثر، وندقّقها مع أكثر من مصدر قبل أن نقرّر النشر بعد التوثّق من أن مصادرنا تشبهنا في الرصانة والموثوقية.
في التقرير المشار إليه نسبنا المعلومات إلى مصدرها الذي طلب إلينا عدم الإفصاح عن هويته. هذا عُرف جارٍ ومُراعى في صحف العالم قاطبة، فثمة مصادر لا ترغب في الكشف عن هويّتها لأسباب تخصّها، والصحافي المهني ملزم بمراعاة هذه الرغبة والإذعان لها. بالطبع يحصل أن تعمد بعص المصادر إلى التضليل .. ليست وظيفة الصحافي أن يفتّش في رؤوس الناس وقلوبها، مثلما تفعل عادة شرطة الأمن، وبخاصة في الدول المحكومة بالدكتاتوريات. وظيفته أن يتثبّت من المعلومة قبل نشرها، فالصحافي واجبه نشر المعلومة. إذا كان ثمة مَنْ يرى فيها خطأ أو عدم إنصاف، فالأولى أن يقوّمه بتقديم المعلومة الصحيحة. لكنّنا، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والمسؤولية الوطنية، نكترث بكل ما يصل إلينا.. ملاحظةً، اعتراضاً، تكذيباً أو تصحيحاً .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين كلماتك دقة في الوصف ودقة في التشخيص في مقالك اليوم عن دور الصحافة الرصينة ودور الصحفي الرصين رائع ما كتبته [ وتستند وظيفة الصحافي والصحافة الإعلامية أيضاً إلى مبدأ أنّ الإنسان غير العارف يكون غير مكتمل في إنسانيته، فالنقص في المعرفة يجعل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram