كلما اجتهدنا في قراءة أوجه الأزمة الراهنة بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية من خلال رؤية تحليلية وتضييف شخصيات مرموقة في تأريخ الرياضة لها باع طويل في الفهم العميق لما يحصل من تخاصم أزلي بين المؤسستين على مختلف الأزمنة مع محاولة كل طرف الاعتداد باستقلالية كيانه، نجد أنفسنا نغرّد خارج سرب اصحاب القرار فيهما الساعين لتشطيب حسابات خاصة ليس لها علاقة بقوننة الرياضة أو تعديل أخطاء الأمس أو استحداث فقرات تسهّل فك التشابك في الصلاحيات، لذلك باتت الحقيقة دامغة لا أحد يقرأ أو يستمع لنصيحة خبير، هاتان المؤسستان اصبحتا تُسيّران بمزاجٍ قيادي لا نظير له سابقاً، وهي فارقة سلبية لا تشرّف المنصب ولا صاحبه مهما خدعته قناعته أنه أنجز ما عجز عنه أسلافه!
دعونا نشير بالكلام المباشر للوزير عبدالحسين عبطان ورئيس الأولمبية رعد حمودي، إن (المدى) نشرت خلال الأيام الثلاثة الماضية، حديثين مهمّين للخبيرين باسل عبدالمهدي وعبدالقادر زينل، وهما من أنقياء الوسط الرياضي تعاملاً مع الأحداث والمتغيّرات ولديهما مسيرة طويلة في العمل الوزاري والأولمبي بأصعب الظروف يوم كان عبطان وحمودي يتعلّمان في الدراسة الثانوية ولم يخوضا بعد المسؤولية الاجتماعية أصلاً وليس الرياضية أو الإدارية، هذان الخبيران ينصحان بحسم المسائل العالقة بين الطرفين على طاولة حوار جاد يخلو من الشكلية البروتوكولية التي تغلب على جميع لقاءات الوزارة والأولمبية وكأن الموقِعَين شركتان خاصتان لرئيسيهما ولا تعجبهما مسارات الاتفاق الى أي نقطة تواصل أو تقف أو تهمل!
عبد المهدي وزينل يشتركان في النصح لمصلحة الرياضة العراقية وإن يختلفان فيما بينهما حول كيفية إدارة الأزمة، لكن عبطان وحمودي شريكان في تحمّل تبعات تدهور الأزمة وليس من حقّهما تبريراً أو بُطراً أن يختلفان في تقرير مصير الرياضة لأن ذلك يعد هروباً وتخلياً عن نص القَسَم المؤدّى لحماية حقوق الرياضيين وصون كرامتهم وحفظ سمعة البلاد، وعليهما واجبات وطنية لا تجيز لهما إلقاء تبعاتها على أشخاص آخرين سواء كانوا قانونيين أم متنفذين، لابد من تقارب فوري الى طاولة حوار ينضم إليهما طرف ثالث رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية جاسم محمد جعفر الذي يتحمّل مسؤولية تاريخية بعدم تحريك ملف الرياضة وأزمتها الخطيرة والانشغال بجدول أعمال مجلس النواب، وبرغم اهمية ذلك لكن ينبغي أن نستشعر بحيويته وتفاعله ودفاعه عن القانون المشرّع من لجنته، لا نبرّئه قط من وصول ملف اللجنة الأولمبية الى الدرجة التي أخذت الأخيرة تنفر من ذكر لجنته وسبق أن قال حمودي أنه سيذهب الى رئيس البرلمان مباشرة لحسم الملف وهو ما حدث بالفعل بإجراء لقاءات عدّة تحت قبة مجلس النواب للحصول على دعم شعبي يواجه أخطار حل الأولمبية ومحاولات نسف 14 عاماً من العمل الإداري والإنفاق المالي بعِلم الحكومة.
ووفق متابعتنا للمشاهد المكررة من تأزّم علاقة الوزارة والأولمبية، وعرضهما حلقات تعاونية بمضامين لا تستند الى مبادئ ولم تعمَّد بمنهج ولا تربطها حبال الثقة، ندعو الحكومة لتنفيذ مقترّح لا يشغلها عن واجباتها ولا يقحم مسؤولياتها في مفصل كثير المشاكل، ألا هو استحداث تشكيل اللجنة العليا لشؤون الرياضة بشكل دائم تضم (رئيس لجنة الشباب والرياضة البرلمانية ووزير الشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية وثلاثة خبراء أحدهم قانوني) تناط به دراسة كل ما يتصل بعوامل الاستقرار الرياضي من توصيف الهيئات العامة وشروط القبول فيها وانظمة وقوانين ولوائح ذات تفصيلات لا تترك شرخاً صغيراً إلا وتعالجه بحكمة وتوافق وتحيل أي ملف الى القضاء للحكم فيه بعيداً عن التفرّد والتشكّي لدى الأولمبية الدولية وهي ليست كاملة الأوصاف ولا تمتلك موظفين مثاليين بدليل هناك عشرات القضايا المعلّقة بينها وبين الدول لم تحسم وتشوبها التفسيرات الشخصية التي لا تتواءم مع آراء قانونية وطنية ضليعة بدوافع الأزمات.. وأسرارها!
هيئة عليا لشؤون الرياضة
[post-views]
نشر في: 4 نوفمبر, 2017: 03:00 م