TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قانون الأحوال الداعشي!

قانون الأحوال الداعشي!

نشر في: 3 نوفمبر, 2017: 04:34 م

adnan.h@almadapaper.net

 

معظم الذين احتجّوا أو اعترضوا على مشروع القانون المطروح على مجلس النواب العراقي لتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ منذ العام 1959، طرحوا سؤالاً منطقياً للغاية: ما الفرق بين الإسلاميين الذين يحكموننا وبين داعش؟
في هذا السؤال إحالة إلى الفكر السلفي المتطرف للتنظيم الإرهابي الذي جسّدته التطبيقات المشينة المناهضة حتى لأبسط حقوق الإنسان في "دولة الخلافة" المقامة في غرب العراق وشرق سوريا في السنوات الماضية، وهو فكر يسعى إسلاميّو الحكم عندنا لتطبيقه بنسخة معدّلة بعض الشيء فقط. مشروع القانون المقدّم إلى البرلمان أحد الأمثلة وأحدثها.
في جوهره، حدّد الدستور العراقي الذي صوّتت لصالحه الأغلبية من الشعب العراقي منذ اثنتي عشرة سنة، طبيعة دولة العراق الحالية بوصفها دولة مدنية، بنصّه في مادته الأولى ،على أنّ "نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي". كما أنه حظر في المادة الثانية سنّ أي قانون "يتعارض مع مبادئ الديمقراطية"، وأي "قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور".
التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية يتعارض كلّياً مع مدنيّة الدولة لأنه يقضي بعلوية الأحكام الشرعية على الحكم الدستوري، وهو يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي تكفل حقوق الإنسان، لأنّ القانون المقترح من شأنه إرغام البنات الصغيرات (من عمر تسع سنوات) على الزواج بإرادة آبائهنّ وسائر القيّمين عليهن وليس بإرادتهنّ، ولا يمكن لطفلة أن تكون صاحبة إرادة وهي في عمر 9 سنوات أو حتى أربع عشرة سنة، ولهذا بالذات حدّد الدستور سِنّ الأهليّة (الاقتراع في الانتخابات وتولّي الوظيقة العامة) بـ 18 سنة. والقانون المقترح ينتهك الشرائع الدولية الملزمة لدولة العراق الخاصة بالحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي تحظر انتهاك حقوق الأطفال.
فضلاً عن هذا فإن القانون المقترح يبدو متعارضاً مع أحد الأحكام الأساسية للدستور التي ساوت بين العراقيين وحظرت كلّ تمييز في ما بينهم على أساس الدين والمذهب والقومية والجنس، فغاية هذا القانون التمييز بين الشيعة والسنّة والمسلمين والمسيحيين وأتباع سائر الديانات العراقية.
هذا القانون ،إذا ما شُرِّع، سيُقيم دولة داخل الدولة العراقية، تشبه "دولة الخلافة" الداعشية التي أشاعت ممارسات السبي والاغتصاب وانتهاك الحرمات، فشرعنة الزواج من البنات الأطفال في عمر 9 سنوات هو عملية سبي واغتصاب شنيعة تُرتكب في حقّ أكثر فئات المجتمع ضعفاً ورقّة وبراءة: الأطفال.
هذا القانون معيب، بل مخزٍ، يتعيّن على ذوي الضمير والوطنية والإنسانية الوقوف بقوة في وجه الساعين إلى تشريعه وإلحاق الإهانة بالشعب العراقي وتحويل العراق إلى دولة داعشية أخرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين بأعلى صوتنا كمواطنين عراقيين احرار نصرخ بوجه الداعشي سليم قنفة الجبوري رئيس برلمان محمية الذباب والحشرات من انت ومن انتم لكي تتدخلوا بحريات الشعب العراقي وتقوموا بتشريع قانون اغتصاب الفتيات القاصرات الصغار نعم انه قانون اغتصاب الأطفال ويج

  2. Hameed

    إذا تم الاعتراض على هذا القانون من معظم اعضاء البرلمان معنى ذلك أنه لن يمرر فلم الخوف هذا اولا وثانيا لو تم إقرار هذا القرار الظالم بحق الأطفال هل سيتم تطبيقه من قبل أعضاء البرلمان أنفسهم! !!

  3. Abdulahad Denha

    القانون الجعفري ، والذي يسمح للرجل بالزواج من الطفلة الرضيعة بعمر السنتين عن طريق تفخذيها، والولوج بها في عمر التاسعة

  4. عبدالرحمن الأعظمي

    الكتابة عن هذه القضية المتعلقة بمستقبل المجتمع العراقي لا تكفي وإنما يجب أن يخرج المناهضون لما يخطط له سماسرة الدين الى الشوارع - خصوصاً النساء - يصرخون مطالبين بوضح حد لتدخل المضاربين الأسلاميين بشؤون المجتمع الخاصة وانتهاك حقوق الأفراد الدستورية لكي يسم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram