TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإحصاء السكّاني المُهمَل

الإحصاء السكّاني المُهمَل

نشر في: 21 فبراير, 2018: 05:05 م

adnan.h@almadapaper.net

 

بانتخابات مجلس النواب الجديد في أيار المقبل، سيبلغ عدد العمليات الانتخابية والاستفتائية الجارية في العراق منذ 2005 نحو دزينة كاملة. هي تراوحت ما بين انتخابات برلمانية اتحادية وأخرى لمجالس المحافظات وانتخابات لبرلمان ورئاسة إقليم كردستان، فضلاً عن الاستفتاء على الدستور في أواخر 2005.
هذا هو الجانب المُشرق من المسألة، أن تتواصل وتتواتر العملية الانتخابية .. لكنْ ثمّة جانب آخر، ليس هو كذلك .. لا أقصد بهذا التزوير الذي لم يسلمْ منه أيٌّ من هذه العمليات، فالتزوير كان عاماً شاملاً في كل الدورات وفي كل المناطق، ومفوضية الانتخابات كانت دائماً على أتمّ العلم والمعرفة بذلك، بل إنّ عدداً غير قليل من مسؤوليها ومن موظفيها كان يدير عمليات تزوير أو يُسهّلها لصالح الاحزاب التي رشّحتهم، أو بالأحرى دسّتهم، للعمل في المفوضية التي لم تصنْ أبداً استقلالها.
المقصود هنا بالجانب الآخر غير المُشرق في العملية الانتخابية في البلاد، أن هذه العملية جرت دائماً من دون الأساس المكين المتمثّل بالإحصاء السكاني. في السابق كانت الإحصاءات السكانية تجري كل عشر سنين، وآخر إحصاء سكاني في العراق جرى في عهد نظام صدام، العام 1997، أي قبل 21 سنة، فقد أظهر خلفاء صدام احتقارهم لهذه العملية، وفضّلوا التعامل مع الأمور بروح أهل البادية وعقليتهم، غير مدركين أنّ غياب الإحصاء السكّاني كلّ هذه المدّة الطويلة إنّما يأكل من رصيد الثقة بالعملية الانتخابية التي يديرونها ومن رصيد صدقيتها، بل من رصيد النظام السياسي برمّته.
الإحصاء السكاني ليس ضرورة للعمليّة الانتخابيّة وحدها.. إنه أيضاً حاجة ماسّة لرسم السياسات ووضع الخطط الاقتصاديّة والاجتماعيّة للدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص سواء بسواء. ما من دولة في العالم، حتى الأقلّ نموّاً من العراق، لا تحرص على تنظيم إحصاء سكاني دوريّاً.
نعلم أنّ هناك قوى سياسية بعينها لا ترغب في الاحصاء السكاني، مثلما لا تريد إجراء التعديلات الدستورية المتوجّبة وتشريع قوانين بناء الدولة المُعطّلة، وهي تحديداً من قوى الإسلام السياسي الشيعي التي يُقال إنها تخشى أن يُسفر الإحصاء السكاني عن تحديد نسبة للسكان الشيعة أقل من النسبة المُقدّرة لهم التي تتراوح بين 55 و65 بالمئة بحسب مصدر التقدير، فالمصادر الشيعية ترفع النسبة الى 65 في المئة فيما مصادر غير شيعية تنزل بها إلى 55 في المئة، وحتى إلى ما دون ذلك.
أكان هذا هو ما يقف وراء تعطيل العملية الإحصائية في البلاد أو غيره، فإن النتيجة في كل الأحوال عرقلة قيام دولة حقيقية، معافاة، قوية، ومحترمة في الداخل وفي الخارج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين من كان وراء هذا الموديل التخلفي الرجعي ان يكون الحكم في العراق على أساس طائفي وقومي ومذهبي عنصري أليس هو الحاكم الأمريكي پول بريمر وبموافقة الحكومة البريطانية أيضاً والدليل معظم المسيطرين من هذه الطبقة الحاكمة جاءت من خارج العراق مدعومة ب

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram