تعلمنا من كتاباته العديدة، معنى النقد السينمائي، وكيف ينبغي له يكون، موضوعيته وعمقه وأحكامه الدقيقة غير المنحازة. لم يكن من اليسير تغافل أهمية كتاباته النقدية في السينما العالمية وبحوثه الرصينة التي رصدت في مراحل عدة اتجاهات السينما المصرية، ناهيك عن كتابة تاريخها بقراءة شاملة. بعض تلك الكتابات، لاسيما التي فحصت كلاسيكيات السينما المصرية في مراحلها المختلفة، اتجاهاتها ولغتها وعلاقتها الشائكة مع السياسة والرقابة، ستبقى مراجع مهمة في دائرة البحث النقدي العربي.
في واحدة من أجمل الأوقات، كنت التقيته في تظاهرة سينمائية في البحرين عام 2014 بمعية عدد من النقاد السينمائيين العرب. أمضينا أسبوعاً حافلاً بالحوار والجدل حول شؤون وشجون مختلفة، في الفن والأدب والسياسة وبالطبع السينما العربية، ماضيها وحاضرها، مهرجاناتها وفعالياتها وفاعلية ذلك كله ورياح الربيع العربي في غضون ذلك لم تضع أوزارها بعد، اتفقنا حيناً واختلفنا حيناً آخر، لكن على الدوام بمودة غامرة أظهرت لي انسانية الرجل وسعة تفكيره وخلقه الرفيع. وأزعم أن خصالا كتلك لن تتأتى للمرء ببساطة من دون أن تكون له تجربة حياتية واسعة وخبرة عملية، والأهم من ذلك، قدراً عالياً من المسؤولية الأخلاقية في التفكير، وتلك لعمري هي ثمرة ما خبره أبو شادي في مراحل حياتية مختلفة، شغل خلالها مناصب عدة وضعته أمام مسؤوليات جسام وطموحات حقة في خلق واقع مغاير: رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة (1999-2001)، ورئيس المركز القومي للسينما (2001-2008)، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة (2007-2009)، ورئيس مجلس إدارة شركة مصر للسينما والإنتاج الإعلامي (2011-2012).
ناقد سينمائي متمرس بمواصفات علي أبو شادي، بسعة انجازه البحثي والمهني، وقبل ذلك كله برحابة تفكيره وانسانيته سيكون راضياً عن شريط حياته الحافل بوجوه وأصدقاء، لن ينسون أبداً صورة الرجل وذكراه.