adnan.h@almadapaper.net
الفاسدون وحدهم يحقّ لهم ويجدر بهم أن ينتابهم الشعور بخيبة الأمل حيال ما انتهى إليه مؤتمر الكويت لإعمار العراق..
الفاسدون وحدهم لهم أن يحملوا على الحكومة وسائر هيئات الدولة وشركات القطاع الخاص لمشاركتها في المؤتمر، ولهم وحدهم أيضاً أن يشتموا دولة الكويت عن الجهود التي بذلتها والطاقات التي جنّدتها لعقد المؤتمر وتأمين نجاحه.
للفاسدين كلّ الحقّ في هذا بعدما تبيّن لهم أنّ أحلامهم بتدفّق عشرات المليارات من المنح والهبات غير القابلة للردّ أو ميسّرة الشروط، وحيازة حصّة معتبرة منها، إنما كانت أحلام عصافير.
الفاسدون كانوا يأملون أن تفتح الدول والمنظمات والمؤسسات المالية خزائنها على مصاريعها أمامهم كيما يقوموا بعملية "فرهود" جديدة على غرار عمليات الفرهود التي جرت منذ 2003 واختفت بها مئات مليارات الدولارات من عوائد النفط ومن المِنَح والقروض التي قدّمها العالم إلى الشعب العراقي ،على أمل أن يستعيد عافيته ويبني اقتصاداً قوياً في ظل نظام ديمقراطي اتّحادي يقوم على العدالة والمساواة والهوية الوطنية العابرة للمذاهب والديانات والقوميات.
المؤتمر كان ناجحاً بكل المعايير، إلا المعايير التي يعتمدها الفاسدون ومؤسساتهم وأحزابهم ويركنون إليها في تقديراتهم وتحليلاتهم. 30 مليار دولار لا تكفي لتحقيق الهدف النهائي بإعادة إعمار العراق كله.. هذا صحيح لكنّ هذا المبلغ المتجمّع في مؤتمر الكويت يزيد عمّا حدّده مسؤولو الدولة كحاجة على المدى القصير (22 ملياراً) .. إذا ما أُبعِدَ الفاسدون عن عملية استثمارالمليارات المُعلن عنها سيتشجع كل الذين تردّدوا في تقديم المزيد على بسط أيديهم في المستقبل.
كان واضحاً من خلال الكلمات التي ألقاها ممثلو الدول والهيئات المالية والمنظمات الإنسانية الدولية والشركات المستعدّة للاستثمار، أنّ العقبة الكبرى تتمثل في الفساد الإداري والمالي المتفشي في البلاد وسلبية الجهاز البيروقراطي وتخلّف القوانين اللازمة لتسهيل وضمان عملية الاستثمار،وغياب الاستقرار السياسي والأمني والمصالحة الوطنية، وتفاقم الصراعات السياسية والطائفية والقومية.
ممثّلو الحكومة وهيئات الدولة الأخرى الى مؤتمر الكويت سعوا الى إعطاء صورة زاهية للأوضاع في البلاد وللخطط المعدّة للاستثمار .. لا بأس في هذا، ولكن يتعيّن الآن على الحكومة ومجلس النواب وسائر هيئات الدولة أن تعمل بجدّ واجتهاد على تحويل الكلام المنمّق الذي ألقي في قاعات المؤتمر إلى واقع حال. لا ينبغي لأحد أن يظنّنّ أنّ في وسعه خداع العالم، فهذا العالم يعرف عنّا أكثر وأفضل مما نعرف عن أنفسنا.
الفرص الذهبية لا تتوفّر دائماً، ولا تأتي كثيراً .. مؤتمر الكويت هو من نوع الفرص الذهبية برغم أن الإعداد له من الجانب العراقي لم يكن حتى بأدنى مستوى مطلوب، فهل يمكن تدارك الأمر والسعي للاستفادة من مخرجات المؤتمر؟ وهذا يكون بالدرجة الأولى بتوفير البيئة المناسبة للاستثمار.. البيئة النظيفة من الفساد، ومن المحاصصة، ومن الكراهية المذهبية والدينية والقومية.
جميع التعليقات 1
خديجه طاهر
اخي العزيز صدقت فيما قلت، الفاسدون لم يعجبهم الوضع في الموءتمر لان النتائج كانت دون توقعاتهم وكانت مفاجاة لهم ان الجماعات والمنظمات المشاركة لم تكن بالغباء الذي تصوروه. وبدلاً من شكر الكويت على جهودها من اجل إقامة وإنجاح المؤتمر اظهروا عدم الرضى. كما تفضل