TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مؤتمر الكويت لم نعدّ له جيّداً.. لكنّه فرصة

مؤتمر الكويت لم نعدّ له جيّداً.. لكنّه فرصة

نشر في: 17 فبراير, 2018: 02:58 م

adnan.h@almadapaper.net

 

الفاسدون وحدهم يحقّ لهم ويجدر بهم أن ينتابهم الشعور بخيبة الأمل حيال ما انتهى إليه مؤتمر الكويت لإعمار العراق..
الفاسدون وحدهم لهم أن يحملوا على الحكومة وسائر هيئات الدولة وشركات القطاع الخاص لمشاركتها في المؤتمر، ولهم وحدهم أيضاً أن يشتموا دولة الكويت عن الجهود التي بذلتها والطاقات التي جنّدتها لعقد المؤتمر وتأمين نجاحه.
للفاسدين كلّ الحقّ في هذا بعدما تبيّن لهم أنّ أحلامهم بتدفّق عشرات المليارات من المنح والهبات غير القابلة للردّ أو ميسّرة الشروط، وحيازة حصّة معتبرة منها، إنما كانت أحلام عصافير.
الفاسدون كانوا يأملون أن تفتح الدول والمنظمات والمؤسسات المالية خزائنها على مصاريعها أمامهم كيما يقوموا بعملية "فرهود" جديدة على غرار عمليات الفرهود التي جرت منذ 2003 واختفت بها مئات مليارات الدولارات من عوائد النفط ومن المِنَح والقروض التي قدّمها العالم إلى الشعب العراقي ،على أمل أن يستعيد عافيته ويبني اقتصاداً قوياً في ظل نظام ديمقراطي اتّحادي يقوم على العدالة والمساواة والهوية الوطنية العابرة للمذاهب والديانات والقوميات.
المؤتمر كان ناجحاً بكل المعايير، إلا المعايير التي يعتمدها الفاسدون ومؤسساتهم وأحزابهم ويركنون إليها في تقديراتهم وتحليلاتهم. 30 مليار دولار لا تكفي لتحقيق الهدف النهائي بإعادة إعمار العراق كله.. هذا صحيح لكنّ هذا المبلغ المتجمّع في مؤتمر الكويت يزيد عمّا حدّده مسؤولو الدولة كحاجة على المدى القصير (22 ملياراً) .. إذا ما أُبعِدَ الفاسدون عن عملية استثمارالمليارات المُعلن عنها سيتشجع كل الذين تردّدوا في تقديم المزيد على بسط أيديهم في المستقبل.
كان واضحاً من خلال الكلمات التي ألقاها ممثلو الدول والهيئات المالية والمنظمات الإنسانية الدولية والشركات المستعدّة للاستثمار، أنّ العقبة الكبرى تتمثل في الفساد الإداري والمالي المتفشي في البلاد وسلبية الجهاز البيروقراطي وتخلّف القوانين اللازمة لتسهيل وضمان عملية الاستثمار،وغياب الاستقرار السياسي والأمني والمصالحة الوطنية، وتفاقم الصراعات السياسية والطائفية والقومية.
ممثّلو الحكومة وهيئات الدولة الأخرى الى مؤتمر الكويت سعوا الى إعطاء صورة زاهية للأوضاع في البلاد وللخطط المعدّة للاستثمار .. لا بأس في هذا، ولكن يتعيّن الآن على الحكومة ومجلس النواب وسائر هيئات الدولة أن تعمل بجدّ واجتهاد على تحويل الكلام المنمّق الذي ألقي في قاعات المؤتمر إلى واقع حال. لا ينبغي لأحد أن يظنّنّ أنّ في وسعه خداع العالم، فهذا العالم يعرف عنّا أكثر وأفضل مما نعرف عن أنفسنا.
الفرص الذهبية لا تتوفّر دائماً، ولا تأتي كثيراً .. مؤتمر الكويت هو من نوع الفرص الذهبية برغم أن الإعداد له من الجانب العراقي لم يكن حتى بأدنى مستوى مطلوب، فهل يمكن تدارك الأمر والسعي للاستفادة من مخرجات المؤتمر؟ وهذا يكون بالدرجة الأولى بتوفير البيئة المناسبة للاستثمار.. البيئة النظيفة من الفساد، ومن المحاصصة، ومن الكراهية المذهبية والدينية والقومية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. خديجه طاهر

    اخي العزيز صدقت فيما قلت، الفاسدون لم يعجبهم الوضع في الموءتمر لان النتائج كانت دون توقعاتهم وكانت مفاجاة لهم ان الجماعات والمنظمات المشاركة لم تكن بالغباء الذي تصوروه. وبدلاً من شكر الكويت على جهودها من اجل إقامة وإنجاح المؤتمر اظهروا عدم الرضى. كما تفضل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram