TOP

جريدة المدى > عام > الطلقات الأخيرة.. ما عرفناه عن الحرب

الطلقات الأخيرة.. ما عرفناه عن الحرب

نشر في: 15 فبراير, 2018: 12:01 ص

الحرب تلك الرمال التي تبتلع الجمال ، والعشق ، والشباب ، والثقافات ، حتى إنها تبتلعُ كل ما يوحي بالعيش والطمأنينة وكل ما من شأنهُ بث الحياة ، فعلى مدى طويل ومنذُ أجيالٍ مضت وأُخرى آتية لم تكُن الحرب حلّاً لقضايا البُلدان بقدر ما كانت سبباً في هلاكها ودمارها وتشرّد أطفالها ، لم تُخلف الحروب سوى الأمراض الإجتماعية والوعكات الثقافية والعاهات الفكرية البشرية ، والنساء الثكالى والأطفال ذوي النظرات الشاخصة المُرتعبة ، وهذا ما ناقشتهُ رواية "الطلقات الأخيرة" للروائي يوري بونداريف التي صدرت عن مؤسسة المدى للأعلام والثقافة والنشر لعام 2015، والتي ترجمها الكاتب والمترجم والروائي غائب طعمة فرمان .

وتشمل الرواية ثلاثة أبعاد دراسية وبحثية أولها حول الموضوع المُختار من قبل المؤلف والذي يُناقش مشكلة الحرب وما تتسبب به الحروب وما تترك خلفها من آثار ، والثانية مسألة الإسلوب والهيكلة الروائية التي تَبِعها الكاتب والذي إعتاد على الإستعانة بخبراتهِ الشخصية كما فعل في رواية " الكتائب تطلب النار " حيث إرتكز بونداريف حينها على تجاربهِ الشخصية في مجال الحرب والسلام ومن أجل الدفاع عن الوطن ، أما البُعد الثالث في هذه الرواية يكمُن في ترجمة المُترجم والكاتب غائب طعمة فرمان والذي وصل من خلال ترجمتهِ إلى عُمق المعاني الفلسفية والإنسانية من ألمٍ وحبٍ ورُعبٍ وطمأنينة تلك المشاعر التي جسدها بونداريف والتي إستطاع فرمان تجسيدها لأنهُ على ما يبدو إستطاع أن يتفهم ويعيش ويُجسد تجربة الكاتب .
وقد ناقش بونداريف في رواية " الطلقات الأخيرة " شخصية الفرد الروسي التي جسدها في بطل الرواية نوفيكوف الشاب الفتي الذي هُدرت حياتهُ خلال الحروب ، وإختصر بونداريف حكايات كثيرة من واقع الجنود خلال الصراعات النفسية التي يواجهونها في الحروب ، فهُنالك من خسر عائلة ، وهنالك من خسر إنتماء ، وهنالك من خسر عشق ، وهنالك من خسر هيبة البدلة العسكرية وآخرون خسروا مبادئهم ، وكانت الحرب بذلك نار تلوك الإنسانية والضمير والمشاعر ، وهذا بالضبط ما حصل لبطل الرواية الكابتن نوفيكوف الذي حاول جاهداً إخفاء مشاعره ومخاوفه الإنسانية آزاء زملائه ، حيث لا يتضمن قاموس الجنود مشاعر القلق على الآخر ، هؤلاء الأفراد الذين إقتاتوا وتربوا على الخراب والموت والجثث والنار والخوف فكانوا يتنفسون القلق ويتغذون على الطلقات , وينامون على مرأى من الجثث ، كيف لهم بعد كل هذا التوحش الذي وجِدوا معه أن يفكروا بمشاعر الآخرين أو مشاعرهم أو يظهروا مشاعرهم أزاء أحد ورُغم ذلك فإن العشق والحرب مُتلازمان فأنى تولد الحرب نجد العشق متواجد أما يولد على مرأى من الحرب أو يولد بعدها وأحياناً تولد الحرب لتجد العشق سابقاً إياها ، وعشق نوفيكوف ولينا اللذان فرقتهما الحرب بوعودٍ مُعلقة على أمل لقاءٍ آخر بعد أن تُطفأ نيرانها لم تُكتب لهُ حياة ، وعلى مرأى من عيون لينا التي كانت تحاول خياطة بدلة نوفيكوف العسكرية يرحلُ بطلها وعشقها الأبدي بقنابل العدوّ ودون أن يقول لها كلمة الوداع الأخيرة ، ذلك إن للحرب سُلطتها الأولى في إختطاف كُل شيء حتى أحلامنا وبهذا كانت أخر طلقات الحرب هي التي تخطف قلوب العاشقين ، وقد حاول الكاتب من خلال روايته ونقلاً عن لسانه " إيجاد الملامح النموذجية لإنسان جيلي ، فالضابط الذي أخذ في وقت مبكر يحمل السلاح ويقود الناس ويتحمل المسؤولية عن مصائر إنسانية كثيرة " ، وقد كُرست هذه الرواية لأحداث السنة الأخيرة من الحرب الوطنية الكبرى عشية النصر ، وأبطالها من عمر المؤلف حيث طلعوا إلى ميدان المعركة من مقاعد المدرسة مثلما فعل هو .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إردوغان عن دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح: "فرصة تاريخية"

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram