adnan.h@almadapaper.net
عشائر تنتهك قانون الري.. عشائر تتجاوز على أراضي بعضها البعض.. عشائر توفّر الملاذ للمطلوبين إلى الدولة.. عشائر تهاجم مستشفيات مات فيها بعض أفرادها أثناء عملية جراحية.. عشائر تتقاتل في ما بينها على نفط مهرّب الى خارج العراق يمرّ بمناطقها أو على مخدّرات مهرّبة من خارج العراق الى داخله.. وأخيراً عشائر تتظاهر ضد حكم قضائي على ناشط مدني من أفرادها.
هذا الذي تفعله العشائر غير مقبول بالتأكيد، لأنه غير قانوني، فما مِنْ سند لأي تصرّف أو سلوك من هذا النوع.
لكنْ، هل يتعيّن أن تُلام العشائر على تصرفاتها هذه؟
مطلقاً.. فعندما تغيب الشمس يحلّ الظلام، وإذْ تغيب الدولة يتفشّى كل ما هو خارج على القانون ومناهض له. والدولة (دولتنا العراقية) هي المسؤولة عمّا تقوم به العشائر وتفعله، لأنها فاشلة، ولأنها غائبة عن الأنظار بإرادتها، ولأن المسؤولين فيها غير مكترثين بإدارة قوية للدولة وللمجتمع تقوم على العدل والإنصاف والمساواة والمسؤولية الوطنية.. اهتماماتهم تكاد تنحصر في الاستحواذ على مصادر السلطة والنفوذ والمال بأي طريقة كما لو كان وجودهم في الدولة طارئاً ومؤقتاً.
أكثر من هذا، إنّ قادة الدولة من زعماء أحزاب وكتل اهتمّوا في مجرى صراعاتهم ومنافساتهم، بالتملّق إلى العشائر وشيوخها وممالأتهم من أجل أصوات رجال العشيرة، فصار شيخ العشيرة الصحيح أو المزيّف، لكنّ الجاهل، يعادل في قيمته وثمنه ألفاً من ذوي الاختصاص والكفاءة، وراح الزعماء يبعثون ممثليهم، بالعمائم أو بربطات العنق، لشراء ذمم رجال العشائر، علناً أمام الكاميرات في بعض الأحيان بالكثير من قلّة الحياء، فغدت رشوة الشيوخ من وسائل الفساد السياسي والاجتماعي، ونحن هذه الأيام في موسم التكالب على شيوخ العشائر.
مدينة السماوة شهدت منذ يومين تظاهرة حاشدة قيل إن عشائر بني حجيم نظّمتها للاحتجاج على الحكم القضائي الصادر في حق الناشط المدني في مجال مكافحة الفساد باسم خشّان الذي يعدّ من أفرادها.
الحكم قاس بطبيعة الحال، بالقياس إلى القضية المحكوم فيها الناشط المدني (قضية تعبير عن الرأي)، وبالمقارنة مع أحكام قضائية صدرت في حقّ مسؤولين كبار ثبتت عليهم بالدليل والحجّة تهم الفساد الإداري والمالي وإهدار المال العام التي حوكموا عنها، وهي أحكام بدت مُخفّفة جداً سرعان ما أفلت المحكومون بها من العقاب مستفيدين من قانون العفو العام السيّئ. وعلى هذا الأساس يتعيّن النظر الى التظاهرة العشائرية بوصفها احتجاجاً على الكيل بمكيالين.
هذا الكيل بمكيالين ما كان له أن يكون لو كان للدولة القوية العادلة حضور، ولو كان القضاء منزّهاً من كل عيب وشائبة.
جميع التعليقات 1
أم رشا
فعلا عندما تغيب الشمس يحل الظلام ،الشمس هي صدام حسين والظلام هو الغوغاء اللذين سادوا بجهودكم بالعافيه عليكم وانتم تاكلون ما زرعتم .