لم يفاجئنا هذا الدفق الجميل من العاطفة الوطنية والمهنية الذي قوبل به إعلان هيئة التحرير عن الاضطرار لتقليص عدد صفحات العدد اليومي من"المدى"إلى 8 صفحات، مع الإبقاء على الملاحق الرئيسة، فعلى مدى أربع عشرة سنة ونصف السنة نشأت وتوثقت علاقة حبَّ بين"المدى"وقرّائها، سبقتها علاقة مماثلة قديمة يمتدّ تاريخها إلى الثمانينيات من القرن الماضي مع مجلة"المدى"الثقافية الشهرية، ثم مع دار النشر العاملة حتى اليوم التي تنشر سنوياً العشرات من أمهات الكتب الأدبية والسياسية والاجتماعية والمذكرات السياسية المؤلفة والمترجمة لكبار المؤلفين.
كما قلنا في مقالة الأحد الماضي المنشورة في هذا المكان عينه، فإنَّ القرار كان مؤلماً لنا قبل غيرنا، وهو يعكس حال التردّي التي آلت إليها أوضاع البلاد في كلّ المجالات، ولم يكن مُقدّراً أن يبقى الإعلام الوطني في مأمن منها، فمحرقة الفساد الإداري والمالي والفشل في إدارة الدولة والمجتمع اندفعت نيرانها في كلّ الاتجاهات، فضلاً عن السبب المتعلّق بتراجع قراءة الصحف الورقيّة بشكل عام مع ظهور البدائل الأكثر حداثةً وتطوراً، من التلفزيون الفضائي إلى شبكة الإنترنت والهواتف الذكية والصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحوّل الكون بها الى دربونة متناهية الصغر.
وكما قلنا في هذا الموقع أيضاً، فإننا مصمّمون على الكفاح من أجل البقاء بصيغة الصحيفة الورقية المدعومة بالوسائط الحديثة، ولن يغرب على البال مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع والتحوّل إلى أي شكل يفرضه هذا التطور على المدى البعيد، فسمة العصر التكنولوجيا الرقمية التي تكيّفت معها صحف عالمية وعربية كبرى فتحوّلت إلى صحف إلكترونية، كصحيفة"كريتشيان ساينس مونيتر"الأميركية العريقة وصحيفة"إندبندنت"البريطانية المشهورة و"صحيفة"السفير"العربية المعروفة، على سبيل المثال.
في القريب العاجل ستعوّض"المدى"قرّاءها بموقعها الإلكتروني الجديد المتفاعل مع الاحداث على مدار الساعة، وبنافذة إلكترونية تلفزيونية نعمل لتطويرها وتحويلها الى قناة تلفزيونية إنترنتية تقدّم الأخبار والمتابعات الاجتماعية والثقافية.
على قدر الحب الذي تدفّق علينا على مرّ الاسبوع المنصرم، ننتهز الفرصة لدعوة قرّائنا الكرام الذين يهمّهم الاستمرار في إصدار النسخة الورقية، الى المبادرة بالاشتراك وبالتشجيع على الاشتراك في هذه النسخة، علماً بأن زيادة مبيعات النسخة الورقية لن يخفّف من"الخسائر"المادية بل يزيد منها لأنّ كلفة النسخة الواحدة تزيد على ما يدفعه القرّاء لقاء شرائها (500 دينار)، لكننا سنجد في الإقبال على النسخة الورقية إشارة مشجعة على مواصلة الكفاح من أجل البقاء لنؤدي الخدمة الوطنية والاجتماعية التي عقدنا العزم على الاضطلاع بها ومواصلتها في سبيل العراق الديمقراطي الاتحادي المدني الحضاري، ومن أجل شعبه الذي طال كثيراً أمد انتظاره لحياة سعيدة مرفّهة في ظل ثروات بلاده الطائلة التي يتواصل نهبها وتبديدها من دون ذمة وضمير.
لقرّاء"المدى"جميعاً المحبّة والاعتزاز، وللزميلات والزملاء وسائر الشخصيات التي تواصلت معنا مباشرة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن والمساندة والمحبّة والاعتزازأضعافاً.