TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قضيّة الناشط خشّان في رقبة الحكومة والبرلمان

قضيّة الناشط خشّان في رقبة الحكومة والبرلمان

نشر في: 10 فبراير, 2018: 03:44 م

adnan.h@almadapaper.net

 

جميل ومهم أن تتحوّل قضية الناشط المدني في مجال مكافحة الفساد الإداري والمالي، باسم خزعل خشّان، إلى قضية رأي عام. عدم حصول هذا سيعني وجوب قراءة سورة الفاتحة على المجتمع المدني والرأي العام الذي سيتبدّى خانعاً ومستسلماً لطاعون الفساد.
ومن دون تنزيه القضاء تماماً ممّا تعاني منه سلطات الدولة الأخرى من عدم الإنصاف وحتى من الفساد الإداري والمالي وضعف الاستقلالية، فإن القضايا من نوع قضية خشان يتحمّل المسؤولية العظمى عنها الحكومة ومجلس النواب أكثر من السلطة القضائية.
السيد خشّان انتقد هيئة النزاهة، ولطالما انتقدناها وردّت على الانتقادات بما يُقنع أحياناً وبما لا يقنع في أحيان أخرى، وفي كل الأحوال لم نشعر بحساسية مفرطة منها حيال الانتقادات إلى درجة أن ترى في "الطبخ على نار هادئة" قذفاً وتشهيراً (لا عجب إن كانت الأمور قد انقلبت بين ليلة وضحاها، فنحن في بلد لم تعدِ الحاسبات الإلكترونية قادرة على عدّ عجائبه وغرائبه).
الحكم بالسجن في قضية رأي حكم جائر للغاية، حتى لو كانت مدة السجن أسبوعاً واحداً.. الدستور كفل للعراقيين حريّة الرأي، والرأي يُردّ بالرأي، فإن تجاوز وأحدث ضرراً ما يمكن أن يكون الردّ في أقصاه بالغرامة الماليّة.. هذا هو السائد في البلاد الديمقراطية في المشارق وفي المغارب.
وعلى أية حال فإن مسؤولية الحكم الجائر على خشان وأمثاله من أحكام الرأي ، هي في رقبة الحكومة ومجلس النواب لأنهما مقصّران تقصيراً فادحاً في واجباتهما ومسؤولياتهما الدستورية. هذه الواجبات والمسؤوليات اقتضت منذ سنين إعادة النظر في قوانين نظام صدام وفي مقدمها قانون العقوبات.
ملايين العراقيين عارضوا نظام صدام وناضلوا في سبيل الخلاص منه بأي أسلوب وطريقة، ليس لخلاف شخصي مع صدام، بل لخلاف مع نظامه، والنظام، أي نظام إنّما يتجسّد في القوانين التي يضعها لإدارة الدولة والمجتمع، وصدام وضع قوانين على مقاسه بوصفه حاكماً دكتاتوراً.
عدم سعي الحكومات ومجالس النواب ٍالمتعاقبة منذ 2006 حتى اليوم لتشريع قوانين تُبطل قوانين الحقبة الصدامية وترك تلك القوانين لتبقى سارية المفعول، يضعان هذه الحكومات ومجالس النواب، بمَن فيها الحكومة الحالية ومجلس، النواب الحالي، في خانة فلول نظام صدام، ويصحّ بالتالي الدعوة الى محاكمتهم والى إطاحتهم، فالدستور حرّم فكر وممارسات البعث الصدامي، وها هي الحكومات ومجالس النواب المتعاقبة تمارس ممارسات البعث الصدامي بتطبيق قوانينه الجارية في هذا العهد المفترض أنه ديمقراطي!
الحركة الاحتجاجية المتواصلة ضد الحكم الجائر في حقّ الناشط المدني باسم خزعل خشّان من أجل مكافحة الفساد الإداري والمالي، يتعيّن أن يتسع نطاقها ويرتفع مستوى أهدافها وشعاراتها الى حدّ المطالبة بإلغاء قوانين صدام كلها وتشريع قوانين جديدة تجسّد المبادئ والقيم والأحكام التي جاء بها دستور 2005، وإلا فلتوقف الدولة كلّ دعاية ضد نظام البعث وكل قدح وذم في شخص صدام حسين، ولتُلغَ هيئة المساءلة والعدالة، فصدام لم يزل حيّاً يُرزق ونظام البعث باقٍ يجثم على الصدور بقوانينه التي تحكم بها محاكم العهد الجديد!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين مضبوط نفس قوانين الطاغية صدام حسين سارية المفعول ولكن بعد احتلال هولاكو العصر جورج دبليو بوش لبغداد عام ٢٠٠٣ الوضع اصبح افضع وأشنع واخطر على كل مواطن حر شريف يفول كلمة الحق في الدفاع عن وطنه المنهوب من الفساد ومن النظام الطائفي الخبيث الذ

  2. Kamel Elhassani

    صحفيون يخشون التعرض لجيف القضاء الفاسد فيرمون اللوم على القوانين التي لم تعاقب لا سابقا ولا حاليا مواقع التواصل الإجتماعي ،والمبدأ القضائي يقول الشك يفسر لصالح المتهم ،

  3. ييلماز جاويد

    يا معوّد يا عدنان ، لا تگول إعادة النظر بقوانين عهد صدام ، بهيچي يوم ، لا يكون التعديل أنگس من اللي گبله . تره ذولة ما يتأمّنون .

  4. خديجه طاهر

    انا معك ياأخي المحترم ومثلك ااستفسر ما هو السر وراء عدم تبديل قوانين نظام صدام الديكتاتوريه من قِبل مجلس النواب والحكومات المتعاقبه طوال كل هذه السنين. هل السبب انهم جميعاً كانوا مشغولين بجمع الأموال ونسوا او تناسوا ان واجبهم الأساسي هو النظر في القوانين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram