"لن أكتب عن ليف أولمن التي يقالبها الناس عند صفحات المجلات والصحف، وقد يعتقد البعض إني اغفلت ذكر حقائق هامة في حياتي إلا أنه لم يكن في نيتي أن أكتب سيرة ذاتية."
بالفعل لم تكتب أولمن سيرتها الذاتية كما ذكرت في الجملة الاولى من مقدمة كتابها "اتغير" الصادر عن مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون لمترجمه أسامة منزلجي...
تحدثت اولمن في هذا الكتاب عن جانب من سيرتها بشكل شاعري، عفوي ومباشر، وقد تكون خبأت اسماء بعض الشخوص كما ذكرت خلف حروف مجهولة او اسماء مستعارة إلا انها حاولت ان تكون اقرب لواقعها الانساني بعيدة عن الشهرة مُسبرة غور ذاتها بعمق..
الممثلة السينمائية النرويجية ليف أولمن انطلقت لكتابة جانب من سيرتها عبر تعاقبها الزمني، وتجاربها التي طوتها عبر السنين، ومستقبلها المليء بالأمل وربما بالخوف. والسيرة الذاتية في مجملها هي وسيلة لكتابة الذات بكل تغيراتها.
في أول مذكراتها اشارت أولمن كثيراً الى هذا الاحتياج الابوي في داخلها فهي بالنهاية تلك الفتاة التي فقدت والدها والتي كانت تتخيله عبر الكثير من الرجال الماريّن أمامها إلا أنه لم يكن هو "إن الفراغ الذي خلفه ابي اضحى اشبه بفجوة تستقر فيها تجاربي اللاحقة."
أولمن باحثة عن الحب منذ الصغر، في أخيلتها وواقعها وهي كذلك تبحث عن الطمأنينة من خلال بحثها عن الحب "أذهب الى فراشي وانتظر ان يأتي امير ليأخذني."
كانت أولمن تنتقل بين صفحات كتابها للبحث عن الفكر والرغبة والعاطفة، ولتكشف أكثر عن الروابط القائمة بين تجربتها الذاتية والأسلوب الواقعي الذي تعبر به عن هذه التجربة، والذي سيمكن ابنتها إلين من فهم تجربة التغيير بحد ذاتها
من خلال مذكرات أولمن ايضا سنلحظ انه لم يكن الخوض في مسألة الأنا البعيدة عن أضواء الشهرة عند ليف أولمن صعبًا، بل كان نتيجة طموح جنحت له هذه الممثلة النرويجية التي خطفت أضواء الشهرة على الشاشة..
"صورت أفلامًا في إنجلترا وفرنسا والدنمارك ورومانيا والسويد، ورافقتني إلين، زرنا بقاعًا كثيرة من العالم، ولكن كان لدي بيتي الذي أحب وكتبي وإسطواناتي والأشجار الراتنجية في الخارج... قابلت أناساً من كل الأنواع؛ مشهورين وحمقى، حكماء، فقراء وأثرياء".
حاولت هنا أولمن أن تكشف عن العلاقة المتبادلة بين شهرتها وحياتها الخاصة، أن تتحدث عن أشياء تحبها أكثر ربما من عالم النجومية.
كانت أولمن تذهب إلى التغيير دون اكتراث، فهو مخاطرة غير محسوبة بالنسبة لها، وهو تغيير شامل في كل نواحي الحياة بتسارع أحيانًا وببطئ أحيانًا أخرى، فبالرغم مما قد يصنعه التغيير عند الأعلام والمشهورين من تأثير على المجتمع لما يتمتعون به من قرب من قلوب الجمهور؛ فإن أولمن اكتفت بأن تتغير انطلاقًا من الأنا ومن ذاتها الإنسانية،ككائن بشري؛ كتبت عن الحب والعزلة، وعن كونها امرأة فقط؛ تقول:
"أحاول طوال الوقت أن أتغير، لأنني أعلم علم اليقين أن هناك أكثر بكثير من الأشياء التي كنت قريبة منها، أن أجد السكينة لأتمكن من الجلوس والإنصات إلى مايجري داخلي، دون مؤثر دخيل"