adnan.h@almadapaper.net
ما من وطني عراقي لا يسوؤه وجود قوات أجنبية في العراق .. هذا شيء مؤكد، ومؤكد أيضاً أنّ العراقيين عموماً يرغبون رغبة صادقة في حدوث انعطافة قوية في وضع البلاد السياسي، من شأنها تحقيق المصالحة الوطنية، وترسيخ السلم الأهلي، والخلاص من نظام المحاصصة ومن وليده الشرعي الفساد الإداري والمالي، ليزول، أو في الأقل يتراجع، خطر الإرهاب ولتنتفي الحاجة إلى الاستعانة بأي قوات أجنبيّة.
منذ إعلان الحكومة عن تحرير آخر المناطق التي احتلها تنظيم داعش الإرهابي، بدأت ترتفع الأصوات الداعية الى سحب القوات الأميركية وسائر قوات التحالف التي شاركت في العمليات الحربية. هذه الدعوات ليست بمحلها في الواقع، بعضها يدخل في باب المزايدات عشيّة انطلاق العملية الانتخابية الجديدة، وبعضها مدفوع الثمن لصالح جهات إقليميّة.
قوات التحالف لم تدخل من تلقاء نفسها، ولم تأتِ إلينا للنزهة. الحكومة هي مَن طلبها لمواجهة الخطر الماحق الذي هدّدنا. هذا الخطر كان نتيجة مباشرة لسياسات خرقاء انتُهِجت في عهد الحكومة السابقة، كان بينها الضغط لسحب قوات التحالف في العام 2011 من دون الاكتراث بما إذا كنا حقاً قد أمسينا في وضع يُمكننا معه القول "باي.. باي" لتلك القوات من دون الخشية من تداعيات سلبية. ولقد أثبتت التجربة خطأ وخطل ذلك القرار، فقد تبيّن أننا لم نكن جاهزين حتى لمواجهة بضع مئات من الإرهابيين مسلحين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة فحسب، بدليل أنهم اجتاحوا ثلث مساحة البلاد ووصلوا إلى مشارف العاصمة بغداد وهدّدوها مباشرة، كل ذلك في أقل من سبع ليالٍ وسبعة نهارات!
الحكومة هي مَنْ دعا قوات التحالف الى العودة من أجل المساعدة في الحرب ضد داعش، والمُفترض أنها هي أيضاً مَنْ يملك قرار الطلب الى هذه القوات بالانسحاب عند انتفاء الحاجة، وانتفاء الحاجة تُدركه الحكومة أكثر من غيرها، لأنها الأعرف بالأوضاع وتطوراتها وبالقدرات العسكرية والمالية والاقتصادية.
الإعلان الحكومي أواخر العام الماضي عن تحرير الأراضي التي احتلّها داعش لم يكن إعلاناً بالزوال التام لخطر الإرهاب، فداعش ومنظمات إرهابية أخرى لم يزل لها وجود في مناطق من البلاد، وخلاياها النائمة منتشرة على مساحات واسعة. قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ليست مؤهلة تماماً بعد لمواجهة الخطر الإرهابي، والحؤول دون تكرار سيناريو حزيران 2014 الكارثي.
ثمّة الكثير من القضايا التي يُمكن للقوى السياسية المتنافسة والمتناكفة أن تتزايد عليها في ما بينها.. قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، أما الأمن فلا مجال لأيّ مزايدة في مجاله، لأنّ أدنى مزايدة ستكون مُكلّفة جداً في الأرواح والأموال .. عودوا إلى مزايدات ومناكفات ما قبل حزيران 2014 لتتأكدوا من هذا.
كلّ الساحات مفتوحة أمامكم لتلعبوا فيها مزايدةً ومناكفةً، إلّا ساحة الأمن التي ينبغي أن تكون وأن تظلّ أبداً خطّاً أحمر.
جميع التعليقات 5
ييلماز جاويد
هذه دعوة لغرض في نفس يعقوب . إنسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي يؤدّي إلى ترك الساحة العراقية ليلعب بها أولئك الذين أتونا من الجارة إياها ، و لا سيّما يحتاج نفوذهم البعض في موسم الإنتخابات .
خديجه طاهر
صدقت ياأخي الفاضل يجب ان يكون الأمن خطاً احمر. لا ادري لماذا يزعجهم وجود وقتي لقوات التحالف والامريكان ولا يزعجهم سيطره وتدخل دول اقليميه على أمور بلدنا باسم الاسلام والطائفية . لقد غيروا مدننا فأنا سمعت بانتشار الحسينيات والحجاب في كوردستان وانتشار ال
عبد الرزاق الحكيم
الأخ والزميل العزيز ألأستاذ عدنان حسين ... تحيات حار ة وتمنيات طيبة ... لقد أحسنت التحليل , ونحن معك في الأستنتاج الذي توصلت اليه , نشد على اياديك الكريمة , مع الود والتقدير 5824
عدنان فارس
فكّر واحزر!...اميركا حررت دولة الكويت، النفطية، من قبضة صدام (1991)... واميركا حررت دولة العراق، النفطية، من قبضة صدام (2003)... طيب لماذا الكويت تتطور والعراق يتدهور!؟
خديجه طاهر
اخي الكريم فقط أردت توضيح ما جاء في تعليقي السابق وهو انتشار الحسينيات والحجاب في كوردستان، والمخدرات في البصره. طبعا انا كورديه مسلمه وملتزمة باخلاق الاسلام وأتصور هذا شيء بيني وبين ربي ولكنني ايضاً متفتحه على بقيه الديانات والمعتقدات والقوميات واحترم ك