تَذكّرمعرض القاهرة الدولي للكتاب في وقت واحد، مرور 120 عاماً على ولادة توفيق الحكيم، و31 عاماً على غياب عبد الرحمن الشرقاوي. قامتان من عصر التنوير العربي،. وأسلوبان مختلفان، في الحياة والكتابة. الحكيم كان أقرب الى الفيلسوف المتأمل حاول أن يحوّل حكاية الحمار الذي اشتراه، إلى مرافعة ضد الظلم البشري. الشرقاوي كان يسارياً حتى في كتاباته عن الشخصيات الإسلامية اختلف معه السادات رغم أنه إرتبط معه بصداقة قديمة، فأقاله من رئاسة مجلس إدارة روز اليوسف بسبب نشره تحقيقاً صحفياً عن مظاهرات الخبز 1977، والتي أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية، فيما كتب الشرقاوي مقالاً بعنوان الانتفاضة الشعبية وهو العنوان تحمل الشرقاوي تبعاته بان أصبح بلا عمل، وحين عاتبه السادات بعد أشهر على موقفه قال له:" أن للكلمة شرفاً وأن الكتابة مسؤولية وأن الإنسان موقف ".
أيام الصبا كان الكتاب الذي يصل من مصر أشبه بالسحر، أما المؤلفون فكانوا نوعاً آخر من البشر، كائنات من الخيال بالنسبة لي، وكان منهم عبد الرحمن الشرقاوي صاحب رواية الأرض ومسرحية الفتى مهران، وملحمة الحسين شهيداً، والكتاب الوثيقة علي إمام المتقين الذي أثار من خلاله قضية نزاهة الحاكم وموقفه من الثروة، وكيف أن الإمام علي " ع" لم يجد في الخلافة حقاً استثنائياً في المال والمنصب، فساوى نفسه مع الجميع، ورفض أن يسكن قصر الإمارة ونزل مستأجِراً في منزل يملكه احد فقراء الكوفة.
ماذا تعني كلمة النزاهة لمسؤول يعتقد إن الفساد باقٍ معهم حتى آخر فلس عراقي، أو آخر نفس عراقي أيضاً. لنقرأ تصريح لنائب من " المؤمنين " يخبرنا فيه إن البرلمان سيشرع قانون " من أين لك هذا"، ويبدو النائب فرحاً وهو يؤكد إن هذا التشريع لايشمل أصحاب الدرجات الخاصة، لماذا ياعزيزي؟ يقول لك:" إن ما يراه القضاء لا نستطيع الطعن به لأننا سنهدم القضاء ". ألا يبدو كلام الخزاعي مهيناً للقضاء الذي دائماً ما يتأخر في ملفات فساد "الحيتان" الذين شرعوا طريقة معلنة لنهب الثروات وإعمار الناس.
ثمة طريق واحد للنزاهة لاتخطئه العين، أما بيت مستأجَر في الكوفة، وإما أموال وقصور وصفقات وتزوير.
إلى متى سوف نظل نتحدث عن نزاهة عبد الكريم قاسم؟ المسؤول الذي لا يسمح لنفسه بأكثر من وجبة غذاء بسيطة؟، لا أبناء، لا زوجة، لا أصهار يشكلون أحزاباً شبابية، لا مقربين يحتكرون المناصب، مشتمل بسيط في البتاوين.