اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حين يبلغ الشــرُّ مُـنتهاه!!

حين يبلغ الشــرُّ مُـنتهاه!!

نشر في: 5 فبراير, 2018: 09:01 م

لا يمكن أن تكون أحوال الأندية الرياضية في العراق أسوأ مما هي عليه في يومنا هذا. لو اختليت مع نفسي ووضعت أكثر السيناريوهات سوءاً وتدنيّاً وسوداوية، لما تمخّض خيالي عن هذا التردّي الذي نعيش فيه، أو الذي نعيشه مع أنديتنا، وخصوصاً الجماهيرية والشهيرة والكبيرة منها!
في عام 2003 قرّرت الحكومة المحلية لمدينة سو وون الكورية، تأسيس نادٍ متخصّص في كرة القدم على غرار الهوية التي تكتسبها الأندية المعروفة في إنكلترا.. في البدء أسندت مهمة الرئاسة إلى محافظ المدينة، وقررت الإنفاق على النادي من الموارد التي يتحصّل عليها مجلس المدينة، وكان الهدف المرحلي الأهم اللعب في دوري المحترفين الكوري، وكان على إدارة النادي أن تستكمل أدواتها بما في ذلك بناء ملعب مناسب يرتبط تماماً بالنادي، ثم تحقّق الأمل المنشود وارتبط النادي بالدوري الكروي الكوري بصيغته الاحترافية التي تضم لاعبين من جنسيات مختلفة!
بعد تسع سنوات، أي في عام 2012، جمع المحافظ، وهو رئيس النادي، الإعلاميين وأعلن على مرأى ومسمع منهم أن المدينة تخلّت عن النادي الذي بات العمل فيه احترافياً من الألف إلى الياء، وقد أسندت شؤونه إلى مجموعة من رجال الإعمال لتسييره وفقاً لما تريده الهيئة العامة التي تضم في غالبيتها مساهمين ناشطين مالياً، فضلاً عن جمهور النادي والشخصيات الكروية المعروفة في المدينة وحتى خارجها!
خرج النادي تماماً من عباءة الحكومة، ولم يعد متاحاً له انتظار المعونة أو المساعدة أو التخصيصات المالية، فلقد حطم الإناء الخزفي الذي يمدّه توسلاً أو استجداءً نهاية كل عام أو كلما ضاقت به السبل، وبات في عهدة جمعية عمومية ومجلس إدارة قادرين على الصرف والإنفاق وعلى الرقابة والمحاسبة، بما يجعل النادي واجهة للمدينة، بل وحتى للكرة الكورية، بدليل ما حققه من نجاحات مشهودة برغم عمره التأريخي القصير، وعمره الاحترافي الأقصر!
حين كنت اتجوّل بين أروقة النادي الكوري، كان خيالي يذهب إلى هذه الفوضى العارمة التي تشلّ أنديتنا.. لا ضوابط.. لا رؤية في العمل.. لا أهداف محدّدة للمستقبل القريب.. تدخّلات.. نزاعات.. لا هوية لأيّ ناد، فلا هو مكتمل الانتماء للحكومة يأخذ من مالها ويرضخ لقوانينها ورغباتها وسياساتها العامة، ولا هو يتمتع بالاستقلالية التامة في الجانب المالي بالذات.. أما القواعد الجماهيرية فهي مغيّبة تماماً عن الإسهام في صناعة قرار النادي ومستقبله وفقاً لما يجب أن تنص عليه الأصول والقوانين!
أنديتنا، وبفعل التخبّط الذي نشهده والناجم عن جعلها (ملكيات شخصية) وساحات عامة لفرض الإدارات، تحوّلت إلى ضحية من الطراز الأول للوضع السياسي المؤلم الذي يريد أن يعصف بكل ملمح جميل أو أصيل في العراق!
كنت اتحدث في البدء عن أسوأ سيناريو يمكن أن تعيشه أندية العراق، إذ لم أكن اتصوّر يومنا أننا سنهون على أنفسنا.. ولكننا هـنـّا على أنفسنا عملاً وقولاً، فلا هوان أقسى مما تعانيه الرياضة عندنا، وأكاد أقول الآن: لقد بلغ الشرُّ منتهاه!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram