الاحساس بمرارة الغربة، والشعور بوطأة الاغتراب، ساور الكثيرين منا، مقيمين في الوطن - حتف أنوفهم - ومرتحلين عنه - حتف أنوفهم، أيضاً!!
يتجلى الاحساس بالغربة مضاعفاً، ويتكثف عند من ابتعد عن وطنه وبيته مرغماً مذعناً لتصاريف الزمان .
…….
مع تكاثف الاحساس بالغربة يتولد الشعور بالخوف، الخوف من عِدوان الآخرين وتسلّطهم دون وجه حق، الخوف من متاهات المستقبل الغامض، بل الخوف حتى من مغاليق الحاضر المُلتبس
، ولا سبيل لتبديد هذا الشعور الممض،- الذي يتفاقم بسبب وبدون سبب - والوصول لضفاف الطمأنينة الحقّة إلا بعاملين إثنين: الأول؛ بتحقيق نجاح أصيل غير مشوب بصعود أو تسلق على إشلاء الآخرين ، من ضعفاء وفقراء ومحتاجين، والثاني تحصيل مال حلال غير مستلب أو مشبوه أو مسروق، ولكن ذلك الأمر لن يتحقق بيسر وسهولة، اللهم إلا عن طريق كبت المشاعر الإنسانية أو إنكارها أصلاً.
…….
الغريب أو المبتلى بالغربة، لا يرى في النار المتوهجة، إلا رمادها، عنده: يفقد الماء شفافيته، والحرير ملمسه، والشجر إخضراره والسماء صفوها والمطر غزارته، تراه - دائماً- يقارن ما يرى في بلد غربته، وبين ما فقد في وطنه ، بين من فارق وبين ما استجدّ.
زمننا المُلتبس هذا، تكاثرت فيه المذاهب والمِلل والنحل، صار ديدن السياسي المحترف أن يقفز من هذا الزورق المثقوب أو الآيل للغرق إلى ذاك الزورق المزوّق دون أدنى احساس بالعيب أو الغضاضة، بل تراه واعياً تماماً، ومفاخراً أحياناً.
……
قيل: الفقر في الوطن غربة.. وأقول: الغنى في المغترب فقر..
من يعيد للكلمات معانيها؟؟ .
الغنى في الغربة فقرٌ!
[post-views]
نشر في: 4 فبراير, 2018: 09:01 م