قبل أنْ أشرع بكتابة المادة هذه، كنت قد استمعت، حتى أثخنت طرباً، لأغنية"يبدع الورد"، التي غناها عبد الوهاب قبل نحو من خمسين سنة، لكن المرّة هذه بصوت واحدة من الجميلات، زادت جمالَ الصوتِ هذا الصورُ التي ألحقت بمقطع الفيديو، ولأنني لا أملك نفسي أمام الجمال، فقد أغلقت باب مكتبي، حيث أجلس، ورحت أرقص، أيما والله، رقصتُ، رقصتُ، ملت على جانبي ودرت حول نفسي، ورفعت ساقي ومرجحت خصري وصفّقت بيدي، وصرخت في سري معها، مأخوذاً بالصوت الجميل، مفعماً برائحة الورد التي كانت تنبعث من الشاشة الزرقاء.
أكتب هذه، لأنني أريد أن افصح عن مكنون نفسي، أريد أن أشيع الفرح، في اليوم الشتوي البارد هذا، لكن الذي حرضني على الكتابة في هذه، هو الجزء المستقطع من حوار رئيس الوزراء، حيدر العبادي مع فيصل الدخيل، حيث أفصح العبادي فيه عن مكنون نفس لا تحبُّ الشعر ولا تحب الموسيقى ولا الغناء، بما يكشف لنا عن صورة الطبقة السياسية الحاكمة، التي تحيا خارج الزمن، ولو كان الحديث للرئيس نوري المالكي لقلنا، لا ضير، فالرجل لم يعش في لندن، ولم تلامس روحه نسمة المدنية، فقد امضى حياته بين طهران وقم والسيدة زينب، لكن التحريض ذاك، يتضاعف إذا ما جئنا على ذكر الكابينة البرلمانية والوزارية الدينية التي تحكم البلاد، وجلّهم على الشاكلة تلك، ترى، ما المستقبل الذي ينتظرنا على أيدي هؤلاء.؟
كيف لحياة أن تكون طبيعية خارج الموسيقى والشعر والغناء واللوحة؟ ألم يقل الإمام علي"إن القلوب تمَل، فابتغوا لها أطراف الحكمة"أليس الشعر من الحكمة بشيء؟ أنا لا أرى في عزوف هؤلاء عن سماع الموسيقى وحفظ الشعر تديناً، أبداً، هو ظلام نفس، وغلظة طبع ويباب روح، بل هو جهل في الحياة ونهج أحادي المعرفة، فالرجل الذي لا يقرأ الأدب ولا تفعل الموسيقى في روحه ما تفعله في أرواح العالمين، ولا يرى في الورد جود الطبيعة من حوله، جوهر وجوده فيها مشكوك في صحّة بدنه، متهم في سلوكه، لا تأتمنه الناس فهو يتعجلهم الى المقابر.
حين أحاطت الجيوش الالمانية بسان بطرس بورغ، صرخ ستالين بالشعب الروسي صرخته المعروفة: دافعوا عن وطن بوشكين، دافعوا عن وطن دستوفسكي، دافعوا عن وطن جايكوفسكي.."فهبت الجموع ملبية النداء ذاك. هل كان ستالين، المعروف بفولاذيته إلا عالم لغة كبير؟ وهل كان غير قارئ لأدب أمته الروسية العظيمة؟ يقول لي أحد أصدقاء ابراهيم الجعفري، من الذين عاشوا معه في لندن بأنه (الجعفري) وحتى الأيام الأخيرة، التي سبقت دخول الأميركان بغداد، كان يجهل تماماً تاريخ حزب البعث، ولا يعرف شيئاً عن مؤسسيه وقادته والانشقاقات التي حدثت في الحزب والمآل الذي انتهى إليه المنشقون. فلا يزيدني يقيناً بغباء النخب الحاكمة. أتعرفُ الشعوبُ خارج أدبها وموسيقاها وفلكلورها؟ لكن، ألم يقل أحدهم في معرض حديثه عن الرئيس حافظ الأسد:"ضخامة الرئيس"!!!
الحكومةُ تكرهُ الحِكّمة
[post-views]
نشر في: 3 فبراير, 2018: 09:01 م
جميع التعليقات 3
كاظم مصطفى
هناك مثل في المانيا من لا يحن للموسيقى ولا للخمر ومجالسة الحسناء فانه يعيش كالحمار
أم رشا
استاذ طالب الا ترى أنه عار علينا أن يحكمنا مثل هؤلاء المتخلفين إذ ماهو الفرق بينهم وبين داعش...؟ الفرق الوحيد هو أن داعش أعلنت وطبقت رؤيتها مباشرة بعد احتلال المدن أما هؤلاء فلا يعلنون رؤيتهم بل يطبقونها شيئاً فشيئاً بحجة مطالب الأكثرية فهل يعقل أن يحرم ا
ابو سمير
الحمار حمار ولو بين الخيول ربى.