اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في مئوية برغمان

في مئوية برغمان

نشر في: 31 يناير, 2018: 03:59 م

يحتفل عشاق السينما في كل مكان هذه العام بمئوية المخرج الكبير إنغمار برغمان الذي يعد أكبر سينمائيي القرن العشرين، إن لم يكن اكبرهم على الاطلاق، والذي وسم عصر كاملا، وأثر على أجيال من السينمائيين مثلما كان له أثر بالغ بمدارس مختلفة ابتداء من مغامري الموجة الجديدة في فرنسا الذين وجدوا فيه مرجعاً أساسياً لهم في فيلمه «ابتسامات ليلة صيف» (١٩٥٥) الذي أطلق شهرة صاحبه عالمياً... إلى السينمائي الأميركي وودي آلن الذي يعتبر برغمان معلمه المطلق، ولا ينفك يستحضره في أفلامه.
في خمسينيات القرن المنصرم تعرف العالم علي برجمان من خلال أفلام مثل «لعبة الصيف 1950»، و«مونيكا 1952» و«انتظار النساء 1952». و«ابتسامات ليلة صيف 1955»، واحتفى ناقدان من نقاد مجلة «كراسات السينما» الفرنسية احتفاءً كبيراً بفيلم «لعبة الصيف»، الذي يحكي عن مراهقين يقضيان فترة الإجازة الصيفية علي شاطئ البحر واعتبراه بداية لسينما مختلفة. هذان الناقدان هما فرانسوا تريفو وجان لوك جودار، لذا فإن المؤرخين يعتبرون أن فيلم برجمان هو الملهم لحركة الموجة الجديدة في السينما الفرنسية.
ولد انجمار في 14 يوليو 1918، يوم الثورة عاش طفولة متزمتة مع أب قسيس بروتستانتي لم يشغله سوى الخلاص والتطهر الديني، ليكون ذلك عاملاً رئيسياً في تكوينه الفني والفكري، ويظهر ذلك من خلال أفلامه وكتاباته التي تناولت العالم بلا تزمت ديني، بل وبلا مؤسسة دينية.
دخل السينما من بوابة المسرح الذي تعلم وعاش فترة شبابه في المسرح الملكي بستوكهولم وقدم سينما من نوع جديد تعتمد علي لحظات الصمت أكثر منها علي الحوار والسرد من أجل تقديم أحاسيس شخصياته... وقال عندما عاد المسرح بعد اعتزاله للسينما: “المسرح هو المكان المناسب لحصان متعب مثلي".
يغوص برغمان في الروح البشرية، ويلوذ بالذكريات، فكان «العار» (١٩٦٨)والمرض في «صراخ وهمسات» (١٩٧٣) ثم تصوير صعود الفاشية في «بيضة الثعبان» (١٩٧٧). ثم ليصل الى أهم أفلامه برسونا (١٩٦٥)،
وفي المسرح أخرج ستريندبرغ وشكسبير على الخشبة، ما فتح له مجال الإيغال في بلورة لغته ومشاغله الفلسفية. المسرح لن يفارقه أبداً، فهو مسرحي بقدر ما هو سينمائي ولم ينس ستريندبرغ، فقدم له تحية في «بعد التمارين» (١٩٨٤) من خلال استعارة جماليات «مسرح الغرفة» لاحتضان قصة الحب بين المخرج العجوز وممثلته الشابة التي تعود إليه في الحلم.
برجمان خير من صَوَّر الوجه الإنساني في السينما، وهو خير من قدم الصورة الذهنية لشخصيات أفلامه لدرجة عدم اهتمام المتفرج بوجود سرد تقليدي للفيلم وانغماسه في رؤى أبطاله، فنحن مع برجمان لا نرى العالم كما هو عليه بل نراه كما يراه أبطاله أي كما يراه هو.
لم يكن برغمان محظوظاً من اهل بلده بل إنه واجه كثيراً من الانتقادات واللوم، لكون أفلامه تشوه صورة السويديين وتجعلهم دائما يعانون من عصاب مرضي، ومع ذلك، رغم إنه عمل كل أفلامه في السويد ولم تستطع هوليوود ان تنال من شهرته.. فبرغمان يكاد يكون المخرج الوحيد الذي بنى شهرته وسمعته العظيمة خارج نطاق هيمنة هوليوود... ذلك أن أعماله تستمدّ زخمها الإنساني، وقوتها وعمقها، مرارتها وسوداويتها، وأحياناً نشوتها المضيئة، من هذا البلد، من ناسه ولاوعيه الجماعي وطبيعته وتاريخه ومناخاته الثقافية والنفسية...
وفي مهرجان غوتمبرغ الذي يقام الآن في بلده السويد برمجوا ضمن الاحتفال بمئوية المخرج فيلماً وثائقياً يتناول موقفه «المتعالي» من المرأة وخشونته في التعامل مع ممثلاته من خلال شهادات بعضهن ممن زامن عصره الذهبي. من المؤكد لن يكتفي المحتفلون بمئوية مخرج كبير اسمه أسهم في إبراز اسم السويد يوم كانت قليلة الظهور على الساحة السينمائية والسياسية فحشدوا له الكثير من الندوات وورشات العمل وأعادوا عرض أهم نتاجاته مقرونة بدراسات مختصة تنير زوايا غير معروفة عن أسلوبه واشتغالاته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram