TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي ضدّ التغيير

العبادي ضدّ التغيير

نشر في: 30 يناير, 2018: 06:24 م

كنتُ ومازلتُ معجباً بمقولة " الاستعماري " ونستون تشرشل، من أنّ هناك سياسيّاً يحجز له مكاناً في ذاكرة التاريخ، وهناك من يسعى بقدميه إلى غياهب النسيان، في الأيام الأولى لتولّي حيدر العبادي منصب رئيس الوزراء، كتبتُ في هذا المكان ممنّياً النفس أن تكون أولى خطوات العبادي متّجهة نحو الإصلاح والتغيير والتسامح.. وفي باب التعليقات كتب قارئ عزيز يخبرني بأنّ أمنياتي مثل أحلام العصافير. كنتُ مراهنًا نفسي على أنّ العبادي سيخلع "جلباب " حزب الدعوة، ويرتدي ثوب رجل الدولة، ويبدو أنني خسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفاز القارئ العزيز، لأنه يعرف بأمور الدنيا أكثر منّي ومن ملايين العراقيين الذين تمنّوا أن يؤسِّس العبادي لنظام سياسي قضيّته الأولى العدالة الاجتماعية وبناء دولة المواطن، لا دولة الأحزاب والتحالفات.
وفي هذه الزاوية المتواصعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.اليوم لايذكر اسم سنغافورة من دون لي كوان، كما لاتذكر جنوب إفريقيا من دون اسم مانديلا، وألمانيا من دون أديناور، كما لاتذكر أميركا بغير حضور اسم أبراهام لنكولن، الذي هو أحد رموز السلم والبناء والمحبّة.
عندما قررت ألمانيا أن تنهض من ركام الموت والخراب اقتضى الأمر وجود رجل دولة مثل كونراد أديناور العجوز الذي قاد ألمانيا وهو في سن الثالثة والسبعين وقد استطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من بلاده المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.
يصنع التاريخ أولئك الرجال الذين خرجوا من طائفيتهم ومذهبيتهم الى فضاء أوسع، المتردّد لايصنع اللحظة التاريخية.لم يكن غاندي صاحب ائتلاف كبير مثل ائتلاف العبادي، ولا نادى بدولة القانون مثل المالكي، كان مجرّد رجل نحيل يرفض أن يخدع الناس بخطب التغيير والإصلاح.
توقّع العراقيّون أن ينجو العبادي بنفسه من فخّ الائتلافات التي دائما ما تقدّم الى الواجهة نفس الوجوه التي عاش معها المواطن العراقي أسوأ سنيّ حياته، لكنهم فوجئوا بأنّ الرجل في لحظة تشكيل تحالف انتخابي، التفتَ يميناً فوجد حسين الشهرستاني ويساراً ظهر عباس البياتي، وذهب باتجاه تيار الحكمة، وأخذ يستنجد بالمجلس الأعلى، ولم يكتف بذلك بل أثار حفيظة حنان الفتلاوي بأن " لطش " منها " تكنوقراط " من وزن منير حداد. وهكذا يصر العبادي على أن يقودنا إلى أنْ نسرق من جديد ويضحك علينا من جديد، على يد أحزاب وأشخاص جرّبناهم 14 عاماً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram