TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شهادات النوّاب.. ليست قضيّة

شهادات النوّاب.. ليست قضيّة

نشر في: 29 يناير, 2018: 05:24 م

adnan.h@almadapaper.net

 

سواءً قبلت المحكمة الاتحادية أو ردّت الطعن المقدّم إليها من بعض أعضاء مجلس النواب بخصوص الشهادة الدراسية المتوجّب أن يحملها المُرشّح الى الانتخابات البرلمانية القادمة، فإن ما يثير العجب أن تكون هذه قضية ينشغل بها البرلمان والمحكمة الاتحادية والرأي العام على حساب قضايا أخرى لها أهميتها واعتبارها.
هذه القضية ما كان لها أن تكون في الأساس.. أي ما كان على مجلس النواب أن يُعدّل المادة (8) من قانون الانتخابات بما يرفع مستوى الشهادة الدراسية لعضو البرلمان من البكالوريا (الإعدادية) إلى البكالوريوس.
ما كان لهذا أن يكون لأنّ عضو مجلس النواب هو ممثل الشعب المُنتخب، والشعب مؤلّف من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة كثيراً في مستوياتها التعليمية، وبخاصة في البلدان المتخلّفة التي تُوصف مجاملةً بـ"النامية"، كبلدنا العراق. وتخلّف بلدنا مسؤول عن نصفه نظام صدام حسين الذي انصرف عن التنمية إلى الحروب والقمع والاستبداد، والنصف الثاني مسؤول عنه النظام الحالي (نظام الإسلام السياسي) الذي وعد الناس بالتنمية والتقدم والازدهار وإذا به يُعيد دوران العجلة إلى الوراء لتكون لدينا واحدة من أكثر دول العالم فشلاً وواحد من أكثر مجتمعات العالم مكابدةً مع الفقر والبطالة والأميّة والفساد.
كم عدد العمال في العراق؟ كم عدد الباعة الجوّالين وصغار الباعة من أصحاب الدكاكين؟ كم عدد الشحاذين؟ كم عدد الفلاحين؟.. لا يمكن لأي أحد أن يجيب عن هذه الأسئلة، فليست لدينا احصاءات مُعتبرة ومُعوّل عليها، وفي الأساس ليس لدينا إحصاء سكاني منذ آخر إحصاء نُظّم في عهد صدام (1997)، فنظامنا الجديد والطبقة السياسية القائمة عليه لديهما حساسية فائقة تجاه الأرقام والإحصائيات،لأن من شأن وجودها أن يوقف عمليات التلاعب الشاملة مختلف منواحي الحياة، من الانتخابات إلى الحصّة التموينية والرعاية الاجتماعية التي يقوم موظفون محسوبون على الاحزاب النافذة (من الإسلام السياسي) بسرقة تخصيصاتها.
سألتُ أمس قيادياً في اتحاد نقابات العمال عن عدد العمال في العراق،فكان جوابه الفوري بعدم وجود إحصائيات دقيقة، لكنّه قدّر العمال المُنتظمين بما يزيد على مليون شخص،والعمال غير المنتظمين (الباعة الجوّالون وأصحاب البسطات والدكاكين الصغيرة) بما يزيد على خمسة ملايين. أفترض أنّ الفلاحين هم بضعة ملايين أيضاً، وأفترض أن أكثر من نصف هؤلاء، العمال بأصنافهم المختلفة، والفلاحين، لم تسعفهم ظروفهم بالحصول على شهادة البكالوريا، فضلاً عن البكالوريوس. قانون الانتخابات الجديد(المُعدّل) ينبذ تماماً كلّ هذه الملايين ويصادر حقّهم في انتخاب ممثّليهم إلى مجلس النواب الاتحادي كما لو لم يكونوا عراقيين في الأساس!
علاوة على هذا كله، فالجميع يعرف أنه منذ عهد النظام السابق، وفي النظام الحالي على وجه الخصوص، ما عادت للشهادة الجامعية (بكالوريوس، ماستر، دكتوراه) أيّ قيمة أو أهمية، فهي صارت تُمنَح جزافاً في كثير من الأحيان، ولمَنْ يُمكن أن تُوصف أغلبيتهم الساحقة بـ"مَنْ هبّ ودبّ".
التفتوا حواليكم لتتأكدوا.. وراجعوا وقائع جلسات مجلس النواب وابحثوا عمّا إذا كان لنشاط أعضاء المجلس وحيوتهم وحضورهم الجلسات ونزاهتهم وإخلاصهم أيّ علاقة بمستوى شهاداتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين شكرًا على مقال اليوم شهدات النواب ... ليست قضيِّة وضحت لنا الصورة الحقيقية المزرية في عراق يحكمه حفنة لصوص ومتخلفين فاقدين الضمير والشعور بالأنسانية والقيم الحضارية ومن أين تأتيهم وهم بالأصل ساقطين ومعظمهم يحملون شهادات مزورة وألقاب ص

  2. خديجه طاهر

    اخي المحترم، كل ما ذكرته صحيح وأقول بكل صراحه بان من عاده الانظمه المستبده ان تشغل الناس بامور وقضايا ثانوية أو تخلق قضايا تلهي بها البلد كله، فكيف ننسى مشكله الزئبق وبعدها قضيه ابو طبر والاباده والحروب في العهد السابق. وهولاء الان يتبعون نفس الأسلوب .

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram