TOP

جريدة المدى > عام > توبوس معاذ الآلوسي.. الدفاع عن طريقة عيش بغدادية

توبوس معاذ الآلوسي.. الدفاع عن طريقة عيش بغدادية

نشر في: 29 يناير, 2018: 12:01 ص

" لا أخشى القول إنني أدافع في (توبوس) عن طريقة في العيش، وعلى وجه التحديد عن الطراز البغدادي للعيش، لأني أرى أن هذا الطراز يختفي ويجار عليه "

جرّب معاذ الآلوسي ثقافات عيش متنوعة في مطلع شبابه، وأضطر إلى تجربة سواها في كهولته، فقد درس العمارة في تركيا ومارس المهنة متدرباً في المانيا بعيد الحرب العالمية، مرَّ بأيطاليا كثيراً وأحب روما وفكر في الاستقرار فيها، عاد إلى بغداد للعمل مع رفعت الجادرجي ثم ذهب للدراسة في لندن في وقت كانت تشهد تبدلات في المزاج الثقافي التي أجتاحها في ستينيات القرن الماضي، عمل فترة في منطقة الخليج ولم ترق له، أنتقل إلى بيروت ليغادرها إلى أثينا ومنها إلى مستقره الأخير في جزيرة ليماسول.
فهو حين يدافع عن طراز بغدادي للعيش، فإنه يدافع عن ثقافة مدينة نشأ في واحدة من أعرق محلاتها ( الأعظمية)، ثم عاد وتأملها من خارجها، لأن الثقافة في السياق الأنثربولوجي يتعذر تعريفها من داخلها، وليس بوسع أي باحث أن يرسم لها حدوداً واضحة دون أن يترك مسافة بينه وبينها.
من هنا جاء كتابه الثاني ( توبوس) ليس بوصفه مجرد سيرة معمارية فنية، نتوقعها في حياة واحد من ألمع المعماريين في منطقتنا، وأبرز المساهمين في نمو بغداد الحضري في مرحلتها المتأخرة نسبياً، وإنما نحن بصدد قراءة ثقافية معمقة لهذه المدينة وظروف تشكل هويتها الحديثة، مقارنة مع مدن تجوال هذا المعماري الفذ بحسه الجمالي المتفرد، وشغفه المفرط بالحياة وعشق مسراتها، فالعمارة بالنسبة له هي (العيش الجيد) أو الإنتقال إلى (نمط عيش جيد).
وفي هذا الكتاب نستطيع أن نستكشف مع الآلوسي أنساقاً ثقافية في طريقها إلى التواري لما طرأ على بغداد من تغييرات عنيفة طالت جوهر فكرتها كمدينة قابلة للحياة العصرية، فمعه نستطلع تراتبية الأسرة البغدادية التقليدية، كوحدة أجتماعية ذات قواعد ضمنية للعيش والتفاهم المشترك وتوزيع الأدوار ومراكز القوى " كل من سكن بيتنا يعرف حدود تصرفه القائم على الأحترام والهدوء. الكبير يُحترم حد التبجيل، هناك هرم متدرج في السلطة المنزلية حسب الأعمار" ثم من الأسرة ننتقل إلى الوحدات الأجتماعية الأكبر، التي تتشكل وفق شروط علاقات المصلحة المدنية بعيداً عن الروابط التقليدية للمجتمعات التي سبقت ظهور الدولة، فثمة غياب واضح للتجمعات القبلية والعرقية والأثنية عبر الإندماج التلقائي في مجتمع المحلة والمدينة.
من خلال هذا الكتاب، نستطيع كذلك قراءة المزاج الثقافي لسكان العاصمة، وهم يعيشون لحظة انتقال بنيوية، فرضتها بنية تحتية حديثة وإنفتاح ثقافي على العالم، حيث ظهور المسارح والسينمات ودور العروض الفنية وولادة الجامعات الحديثة التي يشرف عليها أساتذة ومختصون من دول العالم المتقدم.
ولئن كانت مجريات الأحداث في (توبوس) تدور حول بطل هذه السيرة، حول طفولته ومراهقته وشبابه ومغتربه، فإنها تكشف لنا وبعمق عاطفي عن رحلة مدينة بغداد وهي تتجه برغبة عارمة وأمل غير مبالغ به نحو اقتراح حداثي بدا تحقيقه ممكنا في حينه. إذ إننا نتجاوز معه مرحلة تأسيس الدولة الفتية بنسختها الملكية إلى مرحلة النتائج المثمرة، حيث ظهور الطبقتين البرجوازية والوسطى والدور الذي أخذتاه على عاتقهما في مهمة النهوض بالحياة في مختلف الميادين.
ولد معاذ الآلوسي في (رأس الكنيسة) على يد قابلة يهودية منذوراً للسيدة العذراء ومصحوباً بأدعية إسلامية ومسيحية ويهودية "بهذا يمكن القول إنني كنت محظوظاً ، بل إن الحظ حالفني إلى النهاية" والحق إننا بصدد سيرة رجل محظوظ، ولد في مدينة لسوء الطالع هي ليست كذلك. لعبت بعض المصادفات في توجيه مجرى حياته، لتقدم لنا فناناً مرهفاً ومعمارياً كبيراً أقترن اسمه بمشروع شارع حيفا، أحدث المشاريع العمرانية في بغداد.
معاذ الألوسي من عائلة بغدادية عريقة، عرفت نوعاً من الإنضباط الإجتماعي الصارم، يرافقه هوس بالمعرفة وشغف بالفن، حيث لم ينقطع والده عن القراءة وإدامة مكتبة البيت بكل ماهو جديد وممارسة هوايته في الرسم، وعن هذا الأب أخذ الأبن تعلقه بالخط والشكل واللون، ومن صرامة هذا الأب وجديته، تعلم الفتى معنى أن يؤسس حريته الشخصية ليفسد على مهل كما يقول. ومن أجل هذه الحرية، أختار الدراسة خارج البلاد ودشنها بتدخين أول سيجارة على متن القطار الصاعد نحو أنقرة، وتناول أول قدح بيرة مع عجوز أنكليزية صادفها في هذه الرحلة، ليعلن تمرده على سلطة العائلة وبعيداً عن رقابتها.
دراسة العمارة لم تكن رغبة طارئة، أو مغامرة غير محسوبة قاده نحوها معدله الدراسي، الذي لعب دوراً كبيراً في تحديد مصائر أصدقاء طفولته ( أنا قد أتخذت قراري، بمعدل أو غير معدل : العمارة!).
" أستطيع أن أبرر هذا الخيار، فأنا ترعرت بين أبنية وتخطيط حضري متميز أتّصف بالرقة والجمال. البيئة التي نشأت فيها ذات عمارة متميزة، تمتد من النادي الرياضي الأولمبي في ساحة عنتر وتنتهي بالمقبرة الملكية، وبينها دار حماية الأطفال وكلية العلوم، ثانويات بغداد البنات والبنين، جامعة أهل البيت، دار المعلمية الأبتدائية، إنها أبنية شاخصة إلى يومنا هذا، بمواد محلية وحلول لعمارة أصيلة"
تعرف في مطلع شبابه على أبرز المعماريين البغداديين الذين تصادف أنهم يعيشون في نفس منطقته، بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين المثقفين، ومن بينهم رفعت الجادرجي وقحطان عوني وقحطان المدفعي، وقد اعتادوا الظهور برفقة جواد سليم وزوجته لورنا سليم وهم يتنقلون على دراجاتهم الهوائية. شاء الحظ مرة، أن يلتقي هذه النخبة وهو ينصت إلى أحاديثهم مع فرانك لويد رايت أبرز معماري العالم آنذاك، الذي حضر إلى بغداد للمساهمة في مسابقة معمارية، حين سحرته أناقته المفرطة بربطة البابيون وطريقته في الحديث و "وقار العمارة الذي يشع منه".
وبين لحظة ولادته في الكرخ وطفولته في الأعظمية ورحلته الدراسية إلى خارج البلد، يكشف لنا الألوسي طبيعة المجتمع البغدادي منذ خمسينيات القرن الماضي ونسيج علاقاته المتشابكة بين مكوناته التقليدية، فبغداد كانت بغدادية بتنوعها العرقي والأثني والمذهبي، وهي بغدادية بانشراحها وبساطتها وإنفتاحها على الجميع.
فوق هذا وذاك، هي بغدادية بمرونتها وقابليتها التلقائية على النمو والتطور ومواكبة عواصم العالم الحديث، ولعل سيرة ذاتية من هذا النوع، ومن بغدادي هو أكثر الناس شبهاً بمدينته وتماهياً مع روحها تضعنا أمام صورة حية لروح المدينة، صورة لا يمكن أن تظهر فيها كل هذه الملامح دون أن يكون المصور هو معاذ الألوسي، الرجل الذي إذا تحدث عنها أمتلأ قلبه بالوجع وأغرورقت عيناه بالدموع، فالعاطفة التي يحملها نحو مسقط رأسه، ليست عاطفة ساذجة ومجانية، إنها العاطفة المفكرة، الراغبة والمتأملة. الحنين معه ليس عفويا والحزن عنده ليس فطريا.
فهذا الفنان المثقف، الذي ينتقل بك من جماليات السينما العالمية إلى عالم التشكيل ومدارس العمارة والفلسفة والحس الفائق بالفراغ والبيئة والظل والضوء، وتلك القدرة الهائلة على وصف أدق تفاصيل ثقافة المجتمعات التي عاش فيها وهو يراقب بعين الباحث الإنثربولوجي أنماط العيش وتعقيدات الحياة التي تتشكل فيها هوية كل مدينة من مبتكرات عمارتها و مطبخها إلى سلوك أفرداها في البيت والشارع وعلاقتهم بالوقت والعمل واستخدام المرافق العامة، هو تركي في تركيا وألماني في ألمانيا وأيطالي في أيطاليا وأثني في أثينا، تعيش معه ثقافة كل مدينة وتتذوق طعامها وتدخل مسارحها وسينماتها. تتعرف على مثقفيها ورموزها وعادات أهليها وتقاليدهم ثم تعود معه إلى بغداد التي يبرر حزنها كواحد من خصائصها الجمالية.
على خلاف الكثير من السير التي يكتبها معماريون، يركز معاذ الآلوسي على الإنسان بوصفه صاحب الحق في الحركة على مسرح الأبنية التي صممت من أجله. لا يستغرق كثيرا في وصف التصماميم الهندسية، ولا يضطرنا إلى قراءة المعالجات الإنشائية والحلول التكونينة، يترك كل هذا كخلفية لحركة الناس أفراداً ومجتمعات، ليقترح لنا عمارة الحياة بكل تفاصيلها الجميلة والقبيحة، فهو يتمتع بذاكرة شاملة غير إنتقائية وغير منحازة، تندفع مثل مياه النهر الذي تربى قريباً منه، بصفاء سطحه وأوشاله، بوضوحه وغموضه، بوادعته وشروره. يتحدث عن المجتمع الطبيعي بكل تناقضاته، كما إنه لا يستثني نفسه من الإفصاح عن رغباتها المشروعة وسواها، ليكشف لنا عن جانب مهم من شخصيته، هو هذا التعلق الجنوني بعالم النساء والتورط معهن بعلاقات غرامية مدفوعاً نحوهن بهوس غير مبتذل لمباهج الحياة، حتى لتقترب بعض إعترافاته من إعترافات روسو، وهذا أمر يندر، أو ربما ينعدم في كثير من السير التي أطلعنا عليها.
" أنا ضعيف أمام النسوان، طلبات النسوان، خاصة الجميلات منهن. هن على الدوام محل إعجابي وولهي"
نساء الآلوسي فاتنات وشهيات دون أن نتعرف على ملامحهن، فهو بخيل في وصف هذه الملامح، ولكنك تسشتعر هذه الفتنة في لغته التي تجهد في القبض عليهن مرة أخرى، يتحدث عنهن بلذة مفرطة وأنثيال حسي فاضح مشوب بشيء من الكبرياء.

كاميرا الكانتينا: (توبوس) المراهقة.
في مراهقته حال والده دون رغبته بالسفر الى طهران، فاشترى بثمن الرحلة كاميرا نوع (كانيتنا) رافقته خمس عشرة سنة من حياته " سجلت كاميرتي مدناً وقرى ومشاهد الوطن شمالاً وجنوباً، البصرة وأبي الخصيب، سولاف وسرعمادية من جهة الموصل، وبيارة وطويلة وبنجوين وحلبجة من جهة السليمانية، كلي علي بيك وصلاح الدين والقرى النائية من منطقة أربيل. جاء شغفي بالتصوير الفوتغرافي المبكر أشبه بتوطئة لاختيار مهنتي، كما فهمت بواسطته جغرافية وطني وسجله الاجتماعي ـ الأثنوغرافي المتنوع".
إذا كان هذا الكتاب هو محاولة للقبض على جوهر الأمكنة التي أحبها في صباه فأن الكاميرا هي أداة القبض على شكل هذه الأمكنة، هي نوع من " الطابو" البصري لحيازة الأشياء غير الممكنة التي تعيش في الماضي. فالمكان والزمان هما ضالة الكاتب ويوتيباه المفقودة، الذين خصهما بعنوان كتابه ( توبوس ـ حكاية زمان ومكان). أمام عدسة هذه الآلة التي اشتراها من صديق، مرت الآف المشاهد التي تغيب الآن في النسيان، وتبتعد في غياب يكاد يكون أبدياً لولا الأرشيف الذي لم يتحدث عنه الكتاب، ولم يخبرنا عن مصير الصور الكثيرة، التي تسجل لحظات عشوائية على خط الزمن المستقيم. الأمكنة أصبحت في ذمة الذاكرة، التي لا تستعيد الماضي كما نتوهم، بل هي أكثر من يؤكد حضوره المستحيل.
ثمة حلم بمدينة حديثة، وثمة أمل صادق، وثمة رغبات عميقة تبددت في الضياع. في ألمانيا وفي مكتب التدريب استقلبه المعماري الألماني "بلغة إنكليزية جيدة رحب بي. ولأني من بغداد ذات السحر القديم والبساط السحري والجني المارد. بدأ تحقيق آخر يتصف بالثقافة الشعبية واللطف والتعرف على هذا الشخص الذي جاء من دجلة الجبار" هذا هو إذن قدر بغداد كمدينة من الخيال والحكايات والقصص، تعيش في ذاكرة البشرية دون أن توهب القدرة على الظهور من جديد في مسرح التاريخ.
بغداد المدينة الأريحية التي لديها كل أسباب التقدم والألتحاق بالعالم الحديث " كنا نحلم ببغداد متمدنة ، تتفاعل مع محبيها في سبيل رفعتها وخصوصيتها، حاولنا تعريق كل أوجه التمدن في سبيل التواصل والإنفتاح، لخلق خصوصيتنا وهويتنا الثقافية البغدادية .... من المؤكد أننا كنا نحلم. لم نكن ندرك إن التخلف كان بنيوياً، مركباً بين التنظيم العشائري والنظام السياسي"
كم هو محزن أن يدرك فنان مثل معاذ الآلوسي، إن مدينته التي يهيم بها غراماً عصية على التقدم، وإن التخلف فيها بنيوي وخارج عن إرادتها، فيضطر إلى أحالتها من الأمل إلى صفحات كتاب مشوق وحقيقي وصادم ومليء بالخيبات يصدر عن ذات عارفة ومتأملة، شهدت حياة حافلة وضاجة بالمسرات والآلام دون تزويق وبنهم إنساني يعشق الحرية ويتطلع نحو تخومها من غير تردد وأرتباك.
كنت دائما أقول، إن مدنيّة بغداد هي إقتراح معماري تشكيلي بالدرجة الأساس وضع أسسها أبناء الطبقة الوسطى من الشباب البغداديين الذين تلقوا تعليمهم في الخارج، وإن غياب هذه المدنيّة هو بسبب الهجرات الإضطرارية لأبناء هذه الطبقة، الذين عانوا من سوء فهم مزمن من قبل الأنظمة السياسية القادمة من الأرياف في الغالب " لقد هاجرت لأني أرى الجمال يسحق في بلادي ويتشوه فيها العيش الإنساني، وتنعدم حقوق المواطن بالعيش الكريم المتحرر المتمدن، هذه حقيقة عشتها بألم وحرقة، وأضطرتني إلى الرحيل إلى أمكنة حرة ... لقد هاجرت قبل أن أموت بأختناق بطيء"
نادرة هي الكتب التي تضعك مباشرة أمام موضوعها، والأكثر ندرة منها، هي تلك التي تتنحى جانباً، لتتركك تتحدث مباشرة مع مؤلفها، وهذا الكتاب واحد من هذه الندرة.
كانت بغداد قبل قراءة لتوبوس معاذ الآلوسي فكرة مبهمة وصارت بعده فكرة مستحيلة، لاأريد أن أقول إنه مادة لليأس، ولكنه محاولة عميقة في الأمل ليس لي طاقة على أحتمالها. إن ولادة جديدة لبغداد تستدعي جيلاً جديداً يتعلم في مدارس حقيقية على يد أساتذة مخلصين يحبون المدينة كما أحبها جواد سليم ورفعت الجادرجي ومعاذ الآلوسي.
في حياتي رأيت بشراً كثيرين يشبهون الأماكن التي ولدوا فيها، لكنني لم أصادف رجلاً يشبه بغداد مثل معاذ الآلوسي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

اليابان تسجل انخفاضا قياسيا في عدد السكان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram