TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مقاطعة الانتخابات.. ليس وقتها

مقاطعة الانتخابات.. ليس وقتها

نشر في: 27 يناير, 2018: 04:18 م

adnan.h@almadapaper.net

 

مقاطعة الانتخابات، أيّ انتخابات، حقّ لمن يرغب فيها وله غاية منها، يعادل تماماً الحقّ في الانتخاب، ففي الحالين يكون الفرد قد مارس حريته الشخصية المقدّسة، ولا حقّ لأحد في لومه أو إرغامه على تغيير موقفه.
يدعو عدد من المثقفين والناشطين المدنيين العراقيين الآن إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 12 أيار المقبل. الدعوة تعكس الشعور العميق بخيبة الأمل والجزع واليأس، وهذا بدوره يعكس انعدام الثقة والرجاء بالعملية السياسية الجارية منذ 2003 وبالطبقة السياسية التي أنتجتها هذه العملية، وهي طبقة مؤلفة في غالبها من"سياسيي الصدفة"الأغبياء عديمي الكفاءة والخبرة والضمير والوطنية ممّن انغمروا في الفساد الإداري والمالي كلّ الوقت.
الدعوة لمقاطعة الانتخابات تستند إلى منطق التعبير عن الاحتجاج ضدّ هذه الطبقة السياسية، والرفض لكلّ ما تقوم به، والسعي للحؤول دون منحها الشرعية من جديد لمواصلة الحكم والتشبّث بالسلطة. الهدف نبيل ولا شك، فثمّة الكثير من العراقيين قد برموا بحال انسداد الأفق التي تواجهها البلاد، فيما الطبقة السياسية صانعة هذا الانسداد والمُمسكة بتلابيبه لا تبدي أيّ اكتراث، بل إنها تُعيد إنتاج نفسها وتدوير نفاياتها على نحو رديء.
السؤال: هل يُمكن لحركة المقاطعة أن تحقّق غايتها في الظرف التاريخي الراهن؟
تحقيق مبتغى الدعوة للمقاطعة يكون فقط باستجابة نصف الناخبين في الأقل لها. هذا أمر غير ممكن بلوغه، أو حتى تصوّره، الآن، وربما على المدى المنظور أيضاً.
الانتخابات الفائتة كلّها كانت نسبة المقاطعة فيها كبيرة، وربما تجاوزت في بعض الأحيان نسبة 50 في المئة، لكنّ عمليات التزوير التي لم تسلم منها أيّ انتخابات كانت تقدّم أرقاماً مختلفة، ولم يكن في وسع أيّ أحد أن يثبت عكس ما تُعلنه مفوضية الانتخابات من نتائج، لأنّ المفوضية صنيعة الأحزاب والقوى المتنفذة التي تدير عملية التزوير.
هذه القوى كانت ولم تزل لديها القدرة أيضاً على حشد"الناخبين"بالمال المسروق من خزانة الدولة، وكذلك باستخدام الدين، فهذه القوى في غالبها إسلامية وتعرف كيف تستثمر في الدين أسوأ استثمار وبخاصة في الأوساط الشعبية المتخلّفة من فرط فقرها وإملاقها وأميّتها.
المقاطعة في الانتخابات السابقة صبّت عمليّاً في صالح القوى المتنفّذة، فالمقاطعون أخلوا ساحة الاقتراع لهذه القوى لكي تنال من الأصوات ما يجعل ممثليها أعضاء في البرلمان والحكومة ومجالس المحافظات.
الآن كذلك ليس من المُقدّر الخروج بنتيجة مختلفة. المقاطعون هم جزء من الحركة التي تتطلّع الى التعديل أو التغيير في النظام السياسي والعملية السياسية، وبهذه المقاطعة ستكون هذه الحركة أكثر ضعفاً.
بدلاً من المقاطعة، يُفترض أن تتصاعد الدعوة للإقبال على الانتخابات وانتخاب المرشحين الصالحين ونبذ الطالحين، وهؤلاء وأولئك معروفون. حملة كهذه يمكن أن تعطي نتيجة طيبة بانتخاب عدد من الكفاءات التي تستطيع أن تشكّل نواة لمعارضة برلمانية تستقطب المزيد من الدعم والتأييد في المستقبل.
الدعوة إلى المقاطعة لا تبدو منتجة ومثمرة في الظرف الراهن، فيما الدعوة إلى اشتراك المقاطعين يُمكن أن تعطي نتائج طيبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. مهند البياتي

    المقاطعه حتى لو بلغت 90 بالمائه فهي لن تلغي الانتخابات، فليس هنالك ايه اشاره في قانون الانتخابات او الدستور ما يشير الى نسبه المشاركه و التي تكون النتائج فيها مقبوله، او ان تكون هنالك اعاده للانتخابات، فالمقاطعه لن يستفيد منها غير المشاركون و مهما تكون نس

  2. بغدادي

    كيف تجري عملية تزوير الانتخابات(عن احد العاملين فيها) بعد فتح الصناديق اوعد الاوراق الانتخابيه...هناك بعض القوائم الغير المرعوب بفوزها...يقوم العدادون بوضع اشاره ثانيه(اى ان الناخب قد انتخب شخصين في الورقه الواحده) فتصبح الورقه تالفه... ثم يأتي دور اوراق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram