TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شباب..وشباب

شباب..وشباب

نشر في: 26 يناير, 2018: 09:01 م

يقول ماركيز إن الانسان يحق له أن ينظر من فوق الى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف، ونحن لدينا نوعان من البشر..نوع ينظر من فوق الى الآخر ليساعده على الوقوف كما يقول ماركيز، ونوع ينظر الى الآخر من فوق تعالياً وتكبراً وغروراً فلايراه ولايشعر به بل يرى نفسه فقط..وقد رأيت هذا الفرق بوضوح خلال الايام الفائتة حين التقيت بأصغر ناشطة عراقية في إحدى الاحتفاليات.. فتاة في السابعة عشرة من عمرها اسمها (روان سالم) تتدفق طاقة واحساساً وحيوية، وتملؤها الثقة بنفسها والإيمان بما تقدمه، فقد وجدت الصغيرة روان في دخول النازحين من المدن التي احتلتها داعش الى مدينتها بابل فرصة لمساعدة أطفالهم على الوقوف..جعلت منهم قضيتها فمنحتهم وقتها ومواهبها لتقدم لهم المتعة والفائدة عبر أنشطة فنية وثقافية وانسانية، ولم يثنها حرق منزلها بعد انتقادها لبعض السلبيات في المحافظة عن مواصلة انشطتها الانسانية..وفي نفس الاحتفالية، التقيت شاباً اسمه (محمد ديلان) من محافظة الانبار يقود فريقاً طوعياً للاغاثة والتنمية اطلق عليه اسم (وصل تصل) قام بمهمة توزيع المساعدات والمؤن على اللاجئين كما شارك بانقاذ الجرحى في عمليات تحرير الموصل ومازال يواصل انشطته الانسانية..لقد عكس هذان الشابان صورة ايجابية للشباب الفاعل الذي يمكنه بناء وطن بمعزل عن مفاهيم الطائفية والأنانية والانتهازية ويمكن من خلالهما أن نلمح بصيصاً من الأمل بالمستقبل..
في نفس الاسبوع، سمعنا عن حادثة نجل محافظ النجف الذي قبض عليه ضمن عصابة تعمل في تجارة المخدرات وتبين إنه يحمل عدة هويات وصفات رسمية تؤهله لدخول أية منطقة محظورة في الدولة، وعلى الرغم من القبض عليه متلبساً فقد وجد من يبرر له سلوكياته ويحاول ايجاد مخرج له، ولن نستغرب أبداً أن تنتهي القضية ويخرج منها بريئاً ويتحمل غيره وزرها فقد تعود هذا الشاب أن ينظر الى الآخرين من فوق ولايرى أمامه إلا مصلحته الخاصة، وقد تربى على ذلك ومثله شريحة واسعة من أبناء المسؤولين الذين لم يجربوا الوجع العراقي وتعلموا في مدارس أهاليهم الأنانية والبحث عن المنافع الشخصية والاستخفاف بمن هوأقل منهم والوصول الى أهدافهم بأبسط الطرق وتحقيق أمنياتهم بجرة قلم..وهذه الشريحة من الشباب تعكس الصورة السلبية لمن تربى على الفساد والالتواء وبالتالي فهم من سيسهم في هدم الوطن وبهم سيكون المستقبل معتماً ومخيفاً..
وبين هاتين الشريحتين من الشباب يتلوى الوطن متوجعاً بانتظار جرعة دواء تعيد إليه عافيته ولن يتحقق ذلك إلا بأن تمنح الفرص كاملة لبناة الوطن وتفتح أمامهم السبل لإنجاز مايطمحون اليه من مشاريع انسانية وفاعلة، بينما يحاسب الجيل الواعد من المفسدين الصغار ويتم تقليم أظافره قبل أن تتحول الى مخالب تنبش في قلب الوطن لتجهز على ماتبقى فيه من نبض حي...فهل سيكون القانون فيصلاً هذه المرة ليصبح نجل المحافظ عبرة لغيره أم أداة في أيدي من يشكلونه حسب أهوائهم..ربما تتكرر تجاربنا المريرة معه فقد بُرئ متهمون وأدين أبرياء من قبل، فهل سيسهم في زيادة عتمة المستقبل؟...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram