ألف النمساوي يوزف هايدن (1732- 1809) الكثير من الأعمال الموسيقية الرائعة، فهو من بين أغزر المؤلفين نتاجاً. أشتهر بسيمفونياته (ألف 104 منها) وبرباعياته الوترية (ألف 68 رباعية بينها رباعية تتضمن نشيد "ليحمي الرب الامبراطور فرانس" الذي أصبح لاحقاً النشيد الوطني الألماني) والكونشرتات لمختلف الأدوات منها كونشرتات البيانو التي يختلف على عددها الباحثون
فمنهم من يقول أنها 11 ومنهم من يقول 25. الى جانب ذلك ألف عشرين أوبرا قدمت في دار اوبرا خاص بنيّ في قصر الأمير أسترهازي الشهير في المجر. لعملية المتأخرين أوراتوريو الخليقة واوراتوريو الفصول أهمية كبيرة. في الحقيقة ألف هايدن أكثر من ألف عمل مستعملاً كل الأشكال الموسيقية المعروفة في زمانه، الدينية منها أو الدنيوية، موسيقى الحجرة أو الأوركسترا، الكورس أو الأغاني ألخ. واليه ينسب تطوير شكلي الرباعي الوتري والسيمفونية ليكونا مثلاً سار عليه كل المؤلفين اللاحقين. فقد استعمل في كلا الشكلين قالب السوناتا الذي يعد واحداً من أهم انجازاته.
ألف هايدن كونشرتو البيانو رقم 11 (في ره الكبير) حوالي 1780 – 1783 ونشره في 1784، وهو عمل يحمل أهمية خاصة. فهو يختلف عن أعماله السابقة قليلاً بسبب تأثره الواضح باسلوب موتسارت الذي تعرف اليه في تلك الفترة وأصبحا صديقين رغم الفارق الكبير في السن الذي يزيد عن 20 سنة (انتقل موتسارت ليقيم في فيينا سنة 1781). حاز العمل على شعبية كبيرة منذ تقديمه في باريس للمرة الاولى في 1784. كتب هايدن هذا الكونشرتو لأوركسترا صغيرة تضم الوتريات وأداتي اوبو وأداتي هورن (قارن الأدوات مع عمل موتسارت سينفونيا كونشرتانته الذي قدمته الأسبوع الماضي). في الحقيقة اشتهر الكونشرتو بسبب حركته الثالثة السريعة وعنوانها روندو على الطريقة المجرية، وهي حركة راقصة سريعة لربما استمد لحنها من الألحان الشعبية المجرية أو الكرواتية أو البوسنية (تتشابه الألحان الشعبية في حوض جبال الكاربات حيث تقطن عدة شعوب تشابك تراثها الغنائي واختلط).
والروندو قالب موسيقي سريع الايقاع عادة، يأتي في صيغة (أ ب أ) أو (أ ب أ ج أ) أو (أ ب ج أ) ونحو ذلك. جاءت الكلمة من الفرنسية وتعني "مدوّر" وهي تعكس طبيعة هذا القالب المغلق. من الأمثلة الشهيرة على استعماله روندو موتسارت المسمى "روندو على الطريقة التركية" من سوناتا البيانو رقم 11 (كوخل 331، ألفه 1778).