على الرغم من نفي البعض لتأكيدات اللجنة المالية البرلمانية مراراً بأنَّ حجم مديونية العراق الداخلية والخارجية أصبحت بحدود 111,725 مليار دولار، فإن المديونية تُرهق كاهل العراق وتشغل بال الكثير من المختصين في الشأن الاقتصادي، كونها تمسّ عصب الحياة للفرد العراقي وفق ما ترتّب عليه من تقليص للنفقات وزيادة الضرائب والاستقطاعات من رواتب الموظفين، مع تأثيراتها السلبية على التنمية الاقتصادية للبلد.
ترى كم من الموارد المالية التي نحتاجها سنوياً للتخلص منه؟ وكيف يمكن لنا الخروج من منطقة الـ"B" وهي التصنيف الذي تجريه وكالات ائتمانية دولية ويُعد تصنيفاً غير مريح اقتصادياً، الى منطقة الـ"A" الآمنة؟ (المدى) توجهت بهذه الأسئلة الى د. مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء حيدر العبادي للإجابة عنها.
* كم يبلغ حجم مديونية العراق الآن بما فيها القروض؟ وكم هي المدة التي يمكننا من خلالها التخلص من الدين الحالي؟
- هنالك استحقاقات سنوية ترصد لخدمة الدين (بدفع الأقساط والفوائد) فمثلاً في مشروع موازنة عام ٢٠١٨ تم رصد أكثر من ٨ ترليونات دينار لمواجهة خدمة الديون الداخلية والخارجية، وإن تلك الخدمات تتفاوت بين السنوات حسب درجات الاستحقاق، فبعض الديون يسدّد الأصل بشكل أقساط، مضافاً إليها الفائدة مثل ديون دول نادي باريس السيادية في الوقت الحاضر، وبعض الديون تسدّد الفوائد السنوية فقط، ولكن في موعد الاستحقاق يسدد أصل الدين مرة واحدة مثل الديون التجارية القائمة الآن حسب اتفاقية نادي باريس والتي سدّدت لقاء سندات خصمت بنسبة ٨٠٪ والتي عليها سندات العراق ٢٠- ٢٨، والمهم هو توافر (حيز مالي) في الموازنة لتسديد المستحقات السنوية مع توافر القدرة على الاقتراض عند الحاجة دون تزايد تراكم الديون وهو ما يطلق عليه بالتعزيز المالي.
* ما مدى تأثير هذا الدين في التنمية الاقتصادية للبلد وكم نسبة الموارد المالية التي نحتاجها سنوياً للتخلص منه؟
- إزاء تحليل طاقة تحمّل الدين، فإن العراق هو في المنطقة الآمنة وهو ما يعكسه التصنيف الائتماني المتفائل للعراق حسب ما تجريه وكالات التصنيف الائتماني الدولية بشكل دوري، فالعراق في الأمد الطويل مستقر في المنطقة " B " وهو أمر جيد في قدرة العراق على دفع أو مواجهة مستحقات ديونه، وهذه مؤشرات تفاؤلية ستقود الى تحسن التصنيف الائتماني المقبل بشرط إقرار الموازنة من مجلس النواب وفقاً لمتطلبات السير ببرنامج صندوق النقد الدولي في العراق/ الاستعداد الائتماني الذي أطلق العمل به في تموز عام ٢٠١٦ ولمدة ثلاث سنوات يحصل العراق بموجبه على مظلة مالية تبلغ ١٨ مليار دولار، عند الحاجة لمواجهة اية ظروف اقتصادية ومالية طارئة، ومنها ٥،٣ مليار دولار، من صندوق النقد الدولي نفسه، و٣ مليارات دولار من البنك الدولي لدعم الموازنة، و ٤،٥ مليار دولار، من البلدان الصناعية السبعة الكبار، وغيرها من الدول المساندة للعراق في مواجهة الإرهاب الذي تعرض إليه، فضلاً عن المصاعب المالية التي واجهت البلاد منذ العام ٢٠١٤، كما أن معظم هذه القروض ستكون ميسّرة وفيها عنصر المنحة عالٍ لانخفاض الفائدة وطوال فترة التسديد.
* التصنيف الدولي جعل العراق في منطقةB" " وهي منطقة غير مريحة للوضع الاقتصادي العراقي بحسب البعض، فمتى يمكن لنا تخطي ذلك إلى منطقة "A" وما هو السبيل للوصول إليها؟
- نعم بالفعل العراق الآن بدأ يتعافى من الأزمة المالية التي فُرضت عليه ديونٌ مع انفراج الأزمة الأمنية التي انتهت بالانتصار على داعش الإرهابي، ولكننا بالتأكيد نبقى نتطلع لتطور مستويات النمو والاستقرار للبلد، كي نبلغ المنطقة "A" مستقبلاً، وهذا ما أشّره السند العراقي الدولي (فرات) في سوق لندن، حيث انخفضت الفائدة عليه بسبب ارتفاع قيمته لتكون اليوم بنحو ٥ ونيف بالمئة بدلاً من ٦ ونيف بالمئة في شهر أيلول الماضي.
والعراق حاصل على تصنيف B/B- من ستاندرد اند بورز وفيتش، كما أن لديه سندات دولية قيمتها 2.7 مليار دولار، تستحق في 2028 بكوبون 5.8 بالمئة ويبلغ عائدها الحالي نحو تسعة بالمئة.كانت الحكومة العراقية قد أعلنت في تشرين الثاني 2016، إنها تنوي إصدار سندات بملياري دولار في الأسواق العالمية للمساعدة في تقليص عجز ميزانية 2017، مبينة أن السندات ستباع على شريحتين متساويتين حجم الواحدة مليار دولار على أن تضمن الحكومة الأميركية إحداهما مما سيخفض تكلفة الاقتراض.
وتعاني الحكومة مع الاعتماد شبه تام على دخل النفط لتمويل إنفاقها منذ تراجع أسعار الخام في 2014، وهو العام نفسه الذي استولى فيه عناصر تنظيم داعش على ثلث أراضي البلاد.