مثل كثيرين بدأت خطواتي الأولى في قراءة الرواية مع نجيب محفوظ، الذي لم يحاول في أعماله الأدبية أن يُهندس القضايا ويفلسفها، وإنما كان يقدمها ببساطة وعفوية، وفي كل مرة أعود إليه لأكتشف جديداً. في روايته الشهيرة ثرثرة فوق النيل، نجد الحشّاش الكبير الذي أدى دوره في السينما ببراعة القدير عماد حمدي، يعيش حالة الحيرة وهو يقول:" الخمرة تلطش المخ،والحشيش يطيّرالمخ،والخمرة حرام، والحشيش حرام،الخمرة غالية والحشيش أغلى، مش عارف ليه القانون يسمح بالخمرة ويمنع الحشيش، والقانون ما يطبّق إلا على الناس الغلابة.. الظاهر القانون تجنّن ".
تذكرت هذا الحوار، وأنا أقرأ تعليقات عجيبة وغريبة، كلها تريد أن تقنعنا أنّ ابن محافظ النجف مسكين ومغرّر به، وأنه لولا استقامة والده وأمانته، لما احتاج هذا الشاب الصغير أن يبحث عن رزقه في بيع المخدرات، فلو كان الأب حسبما يقول " الثقاة "، متمكناً مالياً لما اضطر الابن أن يكلف نفسه ويسافر إلى بغداد لبيع كمية صغيرة من الحشيش، فيما ذهب آخرون إلى أن الأمر مجرّد صراع سياسي الغرض منه الحصول على كرسي محافظ النجف.
هل انتهى حديث " التحشيش "، لا أعتقد فمساء أمس وبعد ساعات من فضيحة ابن محافظ النجف، خرج علينا أمين عام حزب الدعوة عبد الكريم العنزي، وهو هذه الأيام نادر الظهور على الفضائيات، منذ أن حقق الأمن والاستقرار في العراق، وأغلق ملفّ الإرهاب يوم كان وزيراً للأمن الوطني، هذه المرة خرج علينا بمفاجأة غير متوقعة، فقد كشف لنا سراً خطيراً، أن وزير التجارة الهارب عبد الفلاح السوداني لايملك من حطام الدنيا سوى سيارة قديمة، يعمل عليها ابنه البكر سائقاً ليوفر معيشة الأُسرة في بلاد الغربة لندن! واختتم المفاجأة بالقول:" عبد الفلاح السوداني ظُلم، وهو ليس فاسداً إنه من أنزه الناس "!
مفاجأة أخرى هذه المرة من العيار الثقيل فجّرها النائب المتقلّب بين دولة القانون وائتلاف النصر عباس البياتي، حيث بشّرنا بأن تحالف قائمة حيدر العبادي، ليست حزبيّة مئة بالمئة، بل إنّ فيها عدداً من المستقلين والتكنوقراط، وضرب لنا مثلاً وهو يبتسم بـ " عالية نصيف ".
لن أعود للحديث عن روايات نجيب محفوظ، فقد كنتُ مثل كثيرين أعتقد أنّ حيدر العبادي سيحسم أمر الإصلاح منذ الأيام الاولى لتسلّمه منصب رئيس الوزراء، لكن يبدو أنه مصرّ على أن يجعل مني نسخة من عماد حمدي أقطع جسر الجمهورية وأنا أهمهم" نوري المالكي ضيّع أعمارنا بخطابات السيادة، والعبادي يريد أن نضيِّع سنين جديدة في حزّورة الإصلاح "!
متى نعتذر لعبد الفلاح السوداني؟!
[post-views]
نشر في: 23 يناير, 2018: 06:37 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
معرض العراق الدولي للكتاب: بوابة نحو التميز الثقافي والتضامن الإنساني
النفط يتصدر المشهد وتبدلات مفاجئة في ترتيب دوري نجوم العراق بعد الجولة الثامنة
العراق يُطلق منصة لتنظيم العمالة الأجنبية وتعزيز الرقابة الإلكترونية
العراق تحت قبضة الكتلة الباردة: أجواء جافة حتى الاثنين المقبل
ضبط طن مخدرات في الرصافة خلال 10 أشهر
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 1
بغداد
استاذ علي حسين ليش تروح بعيد ليش ما تتذكر المسرحية بلعو ملايين ما طلعت بالإشعة ، بلعت ليرة طلعت بينت بالأشعة ؟!! كيف يمكن التصديق منذ اليوم الأول ان حيدر العبادي سوف يقلب الطاولة على رؤوس عصابة الحوت الأزرق نوري بابا والأربعين حرامي من الأحزاب الدينية الت