TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مفوضيّة الانتخابات مسيّسة.. ما الغريب؟!

مفوضيّة الانتخابات مسيّسة.. ما الغريب؟!

نشر في: 23 يناير, 2018: 04:19 م

adnan.h@almadapaper.net

 

لفت صديق أمس انتباهي إلى"تقرير"منشور في أحد المواقع الإلكترونية التي لا تُفصح عن هويتها أو هوية أيّ من العاملين فيها والمسؤولين عنها، وهي كثيرة جداً ومعظمها مموّل من المال العام المنهوب أو القادم من خارج الحدود، لكنّ المعروف في الوسطين الإعلامي والسياسي أنّ هذا الموقع تقف وراءه جهة سياسية نافذة.
"التقرير"المنشور على أنه رسالة من"مواطن صحافي"(هذه حيلة مألوفة في مثل هذه المواقع) يتحدّث عن"خطر حقيقي على نتائج الانتخابات"المقبلة مصدره عضو في مجلس المفوضية العليا للانتخابات يوصف بأنه"متحزِّب"يعمل على"تجيير"نتائج الانتخابات لصالح"تيار سياسي بارز"، و"یستجیب لإغراءات وضغوط الدوائر الحزبیة والعائلیة والزبونیة المرتبطة بالتیار السیاسي".
لن يُدهشني أنْ تكون هذه المعلومات صحيحة، ولن يُدهشني أيضاً أنْ تكون غير صحيحة، وفي كلّ الأحوال فإنني واثق من أنها مسيّسة مثل عمل المفوضية وسائر الهيئات"المستقلة"الذي كان على الدوام مسيّساً، وهو مسيّس في الأساس،لأن تشكيل هذه الهيئات ظلّ محكوماً بنظام المحاصصة الطائفية والقومية، والحزبية كذلك، بل إنّ معظم هذه الهيئات خضعت لهيمنة حزب بعينه.
المفوضيّة الحاليّة لم تفلت من شِرك المحاصصة، برغم أنّ الحركة الاحتجاجية المتواصلة منذ منتصف 2015 كان بين شعاراتها الرئيسة الداعية إلى الإصلاح السياسي والإداري إعادة تشكيل المفوضية على نحو خاص بعيداً عن نظام المحاصصة، وتشريع قانون جديد للانتخابات يضمن نزاهة الانتخابات ويؤمّن انتخاب ممثلين حقيقيين للناخبين، بيدَ أنّ الكتل المتنفّذة في مجلس النواب تمسّكت بنظام المحاصصة فاختارت كل واحدة منها، بطريقة مُخاتلة، ممثلاً عنها في مجلس المفوضية. وبالطبع فإن هيئات المفوضية الأخرى وجهازها الإداري مُتخمة أيضاً بموظفين عيّنتهم القوى والأحزاب المتنفّذة على وفق ما يتمتّع به كل واحد منها من قوّة في العملية السياسية. ومن الطبيعي أن يعمل هؤلاء الموظفون لتأمين مصالح الأحزاب التي عيّنتهم، ففي هذا في الأقل تطمين لمصالحهم الشخصية.
لا يُمكن حلّ مشكلة تسييس عمل مفوضيّة الانتخابات وسائر الهيئات"المستقلّة"، ما لم يجرِ العدول عن نظام المحاصصة، وليس في الإمكان حلّ مشكلة التعيينات المُسيّسة في الدولة من دون إعادة مجلس الخدمة العامة الاتحادي إلى الخدمة، فقد سنّ مجلس النواب قانونه في العام 2009 لكنّه ظلّ كل هذا الوقت حبراً على ورق بإرادة القوى المتنفّذة في مجلس النواب الذي كان عليه استقبال أسماء المُرشحين لرئاسة المجلس وعضويته من الحكومة والمصادقة عليها كيما يجري الشروع بتشكيل المجلس.
السبب في عرقلة إعادة الحياة إلى مجلس الخدمة العامة مفهوم ومعروف، فالقوى المتنفّذة لا تريد لهيئة مهنية أن تتولى إدارة عملية التعيينات في أجهزة الدولة، بما فيها الهيئات"المستقلة"ووكالات الوزارات وإدارات المؤسسات الأخرى، على وفق قواعد الشفافية والمهنية والكفاءة والخبرة والنزاهة التي لا تحبّ هذه القوى السماع بها.. مجرّد السماع..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين هناك خبر طلبت منك ان تشرح لنا ماذا يفعل جلاوزة الخضراء بالشعب العراقي أعضاء البرلمان العراق ومن وراء ظهور الشعب والشعب مغيب ولا يعرف ماذا يجري له من وراء الكواليس ولولا مشاهدتي القاضي طارق حرب على برنامج التاسعة مع انور الحمداني تاريخ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram