TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المحافظ والمخدّرات وخُطَب الحِشمة

المحافظ والمخدّرات وخُطَب الحِشمة

نشر في: 22 يناير, 2018: 06:20 م

محافظ النجف لؤي الياسري رجل مسكون بإقامة دولة الحشمة والفضيلة طوال الوقت، وهو قبل ذلك رجل مرور وُضع على قمة المسؤولية في محافظة النجف، لأنه ينتمي إلى ائتلاف دولة القانون، وبالتالي فهو مهتمّ بإنارة الإشارة الحمراء في وجه كلّ من تسوّل له نفسه عبور خطّ دولة الحشمة التي ترفع شعار"لايحقّ للفتاة أن تلبس البنطلون تحت العباءة..أو أجاركم الله تتجرّأ وتتبرّج"، وبالتالي وجدنا المحافظ ينظر إلى كلّ شاب وفتاة بعين الشكّ والحذر، ويدرك أنّ إقامة حفلة موسيقيّة، أو خروج الشباب في تظاهرات ضدّ الفساد، أو الاحتفال بعيد الحبّ، أو الإعلان عن عرض سينمائي، هو تهديد لمشروعه"الثوري"القائم على إعادة العراق إلى القرون الوسطى.وفي كل هذه الأخبار المثيرة، كان المحافظ"مشكوراً"يكلّف نفسه ليخرج علينا ويقول"ياجماعة إنّ"الموافقة على إقامة المهرجانات لا تتمّ إلاّ بضوابط شرعية تلائم قدسيّة المحافظة، فلا يسمح بوجود نساء متبرّجات أو تشغيل الموسيقى والغناء داخل قصر الثقافة".
أما التظاهرات التي تطالب بالإصلاح ومحاكمة السرّاق فهي تهدِّد"العقيدة وتدعو إلى نشر الرذيلة"، يمكنكم مراجعة تصريح المحافظ لوسائل الإعلام بتاريخ السابع عشر من آذار عام 2017.
ولهذا أجد نفسي متعاطفاً مع بطل"الفضيلة"لؤي الياسري، وهو يجد نفسه حائراً بين الفتاة التي تصرّ على ارتداء البنطلون تحت العباءة وبين تجارة المخدّرات وتوزيعها التي برع فيها ابنه المحروس ضابط المخابرات"لؤي الياسري"، لكنه بدّدَ حيرتي حين أصدر بياناً أكد فيه أننا جميعنا خطاءّون، وأضاف إليه رشّة قليلة من التوابل الإيمانية من عيّنة:"وقد سبقنا إلى ذلك الكثير من أبناء الأِنبياء والأئمة والأولياء والصالحين". فلماذا إذن ياسادة تتركون قصص التاريخ وحكايات الأولين، وحكمة موفق الربيعي التي طالبت العراقيين بأن يستذكروا حكاية النبي نوح مع ابنه العاصي وأن لايصرّوا على أن يقدّم المحافظ استقالته مثلما يحصل في الدول التي تدّعي الديمقراطية، وكان آخرها بريطانيا عندما استقال نائب رئيس الوزراء لأنّ أحد أفراد الشرطة قال للصحافة إنه وجد قبل سنوات في اللابتوب الخاص بالمسؤول الكبير صوراً فاضحة..فكان لابد أن يعتذر الرجل ويذهب إلى بيته مشيّعاً بسخرية الرأي العام.
نحن نختلف عن تجارب العالم بالتأكيد،فالسيد محافظ النجف مع تطبيق القانون، لكنه يشكو الإعلام الذي ضخّم القضية وهي لاتستحق، فماذا يعني كم كيلو غرام من المخدرات، في الوقت الذي نحن فيه منذورون لمهمة أكبر، وهي منع الفتاة من ارتداء البنطلون، هل تستحق قضية تافهة مثل قضية المتاجرة بالمخدّرات كلّ هذا الضجيج؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أم رشا

    استاذ علي حكومة الملائكة لا تنجب شياطين كل ما حدث هو استهداف سياسي وهذا مايجعل الياسري متمسكا أكثر بكرسي المحافظ خصوصا وهذه أيام انتخابات وهم مستهدفين من داعش والقاعدة وازلام النظام السابق والتيارات الملحدة ...سيد أبو جواد هل العاقل الذي لم يستطع ضبط ولده

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram