كشف مستشار لشؤون الاستثمار عن توجه لدى الحكومة العراقية لإطلاق المبادرة الوطنية للإعمار والتنمية تُعنى بإنشاء مشاريع البنى التحتية بإدارة الدولة، وقد جرى تخصيص 100 مليار دولار. وفيما أعرب عن أمله بعدم فشل هذه المبادرة كسابقاتها بسبب الإدارة الخاطئة للمشاريع وعدم وجود القدرة الفنية والكفاءة في إدارتها، شدّد على ضرورة الاعتماد هذه المرة على شركات إدارة مشاريع عالمية متخصصة كما هو معمول به في دول أخرى لضمان نجاح المبادرة وإنجاز المشاريع وتلافي الفساد وهدر المال العام.
يقول المستشار لشؤون الاستثمار والخبير الاقتصادي ثائر الفيلي، في حديث لـ(المدى): إن مبادرة إعادة الإعمار التي أعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وسمّيت بالمبادرة الوطنية للإعمار والتنمية، خصّص لها مبلغ بحدود 100 مليار دولار على مدى عشرة أعوام، على أن تكون بإدارة الدولة لبناء مشاريع البنى التحتية العراقية، وذلك بواقع 10 مليارات دولار لكل عام، وهو مبلغ جيد، لكن من المؤكد إنّ هذه المبادرة سوف لن تنجح في ظل الإدارة الحالية للدولة، لأسباب عدة أهمها أن الدولة فشلت ليس فقط في مكافحة الفساد الإداري والمالي بل أيضاً في إدارتها للمشاريع، وذلك لعدم وجود القدرة الفنية والكفاءة في إدارة المشاريع. وأضاف: أن المشكلة الأكبر أننا في زمن النظام البائد ومع وجود كوادر محلية متخصصة ومهنية ومتمرسة في عمل المشاريع الستراتيجية، كانت الدولة تعتمد أيضاً على شركات عالمية لإدارة المشاريع، وهذا الأمر معمول به في كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث يتم استخدام شركات إدارة للمشاريع المهمة.
يواصل الفيلي حديثه قائلاً: الإمارات بُنيت بشركات لإدارة المشاريع، لكن مما يؤسف له، أنّ هذا لم يوجد حتى اليوم في العراق، لأن الدولة هي من تقوم بنفسها في إدارة المشاريع لذلك نرى الفشل في كل شيء، مستدركاً: وفي الحقيقة، الأموال المتوفرة الآن ليست كافية لهذه المشاريع، وكان لدينا قبل سنوات أموال كثيرة صُرفت على مشاريع فاشلة، حيث تمّ بناء 15 مستشفى في العراق، وصرفنا مليارات الدولارات عليها، بل إن بعضاً من تلك المستشفيات جُهزت من الناحية العمرانية، لكن لأن هناك سوء إدارة، فشلت هذه المشاريع، حتى أن بعض المشاريع وصلت لها أجهزة، لكنها لا تعمل ولا يوجد مشغّلون فيها والسبب يكمن أيضاً في الإدارة التي كان يجب أن تهتم بكل شيء حتى بالكوادر، لذا فبدون وجود إدارات للمشاريع، فإن المبادرة الوطنية للإعمار والتنمية سوف لن تنجح مرة أخرى في العراق.
ويبيّن الفيلي: لدينا تجارب سابقة كالمبادرة الصناعية والزراعية كلّها فشلت، وكان الفشل في الإدارة ولا يعود للفساد فقط، بالتالي فإن على أصحاب القرار استبدال ذهنيتهم حول إدارة البلد للمرحلة المقبلة، هذه الذهنية التي أوصلتنا الى الفشل في قطاع الاستثمار أيضاً، بنسبة 95 %. ويورد الفيلي مثالاً آخر: إنّ القوات الأمنية عندما فشلت في حفظ الأمن في العراق، كان فشل الإدارة في الواقع، لكن عندما استبدلت الإدارة للقوات الأمنية واصبحت قوية، أبدعت هذه القوات، مع أنهم نفس العراقيين الذين فشلوا في الإدارة السابقة بحفظ أرض العراق وحدوده عادوا بقيادة أخرى لينتصروا ويطهّروا العراق من براثن الإرهاب، لذلك نحن نقول إن مبادرة الإعمار سوف لن تنجح مالم تكن هناك شركات إدارة متخصصة، وإلا سيكون الفشل هذه المرة مضاعفاً.
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت عن بعض الاحصاءات والأرقام الخاصة بالمبالغ المالية التي تحتاجها الدولة لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، حيث وصلت القيمة المتوقعة حسب آخر تصريح لرئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة في العراق مصطفى الهيتي، إلى 150 مليار دولار، فيما أعلن وزير التخطيط الدكتور سلمان الجميلي، عن أن التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار تبلغ 100 مليار دولار أمريكي، وإن التوجهات الاقتصادية والاستثمارية للحكومة في المرحلة المقبلة في إطار عملية إعادة الإعمار، تهدف الى العمل على التنمية المستدامة وانشاء مشاريع البنى التحتية.