TOP

جريدة المدى > عام > الكاتبة"ضحى عبدالرؤوف المل للمدى:روايةزندالحجرهي محاولةالوقوف بين التخطي والاستجابةلفهم واقع من حطام

الكاتبة"ضحى عبدالرؤوف المل للمدى:روايةزندالحجرهي محاولةالوقوف بين التخطي والاستجابةلفهم واقع من حطام

نشر في: 21 يناير, 2018: 03:01 م

اهتمت "ضحى عبدالرؤوف المل " في روايتها "زند الحجر" الصادرة عن "دار الفارابي" بهموم الطبقة الفقيرة او ببؤساء شخوصها الذين ينتمون الى مناطق وحارات في شمالي لبنان كحارة التنك والبرانية وصولاً الى السويقة وقلعة طرابلس وقرية عيد مون والكواشرة ، لتبرز التأثيرات النفسية التي رزحت تحتها عائلة عبدالغفور من خلال افراد العائلة الواحدة التي تشبه الوطن العربي الواحد، وتداعياته أمام الأحداث المتتالية. إضافة الى غموض هوية عفاف عشيقة عبداللطيف ومن ثم رؤوف ، وما الذي تمثله لرؤوف بين وجودها واختفائها وعشقه لها، ضمن نقاط تحول العائلة وتغيراتها النفسية راصدة كل خلل في التوازن النفسي والاجتماعي. إضافة الى قوة الانتماء واللانتماء، ولنكتشف عالم رواية" زند الحجر " لحي بخصائصه الواقعية والنفسية ومراميه السياسية أجرينا مع " ضحى عبدالرؤوف المل" هذا الحوار

 

 

 ما الذي جعلك تكتبين عن هذه المعاناة وكأنها مجتمع خالٍ من كل العناصر الانسانية ؟
- لم تخل الرواية من العناصر الأنسانية وما فاطمة في احتضانها لإخوتها ومن ثم بنات زوجها الإ تأكيداً على هذه العناصر الانسانية التي تشكل الفطرة الانسانية بجوهرها الفعال للمجتمع، وان ضمن البيئة الاجتماعية الضيقة . أما لماذا كتبت عن هذه المعاناة لاني ابنة هذه البيئة، من نسيجها ولدت وترعرت، وفي حاراتها وأزقتها تجولت وعشت أجمل أيام حياتي ، حيث تتجلى أواصر الالتفاف المجتمعي رغم الفقر والمعاناة . لكن الإنسان إن خرج من بيئته خرج من بنيته، لأن عبدالغفور ترك القرية وقبع في مكان غير مكانه، وهو ابن الطبيعة المفتوحة التي تربى في احضاتها، وفي تركه لبيته ليلاً ونومه تحت الشجرة دليلاً على الارض التي خرج منها متجهاً نحو المدينة ، لكن تنافس الإخوة القديم الأزل أبعده عن امه واخيه بصمت، لانه الولد غير المطيع المغضوب للشيخة سعاد ، لينفرد بحياته كما يشاء. ببساطة عبدالغفور لم يشعر بالانتماء حتى لعائلته واولاده، وهنا صعوبة عيش من لا يشعر بالانتماء لمن ينتمي إليهم وينتمون له...
 في روايتك اتيت على سيرة أشخاص وأبطال من بيئات متعددة. وقدمت وصفاً حياً لأماكن متعددة وبذلك تعودين الى نوع من فتح الذاكرة البشرية على زمان ومكان كيف ولماذا؟
- أردت رصد ما يجب أن لا يُنسى برمزية "زند الحجر" وابعاده في الرواية ذات الاضداد حتى في قصة الحب الغامضة ، مثل الداية الكوشارية وأمكنة في عكار، ومطارق الحديد وأصواتها في زقاق حارة البرانية ، والروائح وفرن أبو عشير المعشش في ذاكرة حارة التنك او بالأحرى ما حدث في حارة التنك والبرانية وبعل الدقور والسويقة، وكيف كان يعيش فيها من سكنها وبقي فيها حتى الآن أو ارتحل عنها، وما الفارق بين ماضيها وبين حاضرها، لو زرتها ستجدها أسوأ مما كانت عليه اثناء الحرب. أردت كشف أغوار المكان القائم حتى الآن، وكأنه أعشاش الطيور المنكوبة المهاجرة رغم بعض الاصلاحات التي قامت فيها الدولة والجمعيات الاهلية في حارة البقار وحارة التنك والتبانة وغير ذلك.
 قدمت وبطريقة غير مباشرة علاقات البلد الاقليمية بالبلد الاقرب من خلال الاسكافي الجميل.كيف تفسرين ذلك؟
- ابو خالد الحموي أو السوري الصديق والمتآخي مع ابي أحمد العكاري الشمالي اللبناني انسانياً ومهنياً، وهو ابن مدينة حماة في البلد المرتبط بالبيئة الاجتماعية ذاتها الى حد كبير والمتجانس مع صديقه رغم المسافة الفاصلة بين المكانين ، فالعلاقة الحدودية لم تكن الفاصل قبل الصراعات التي بدأت في عهد شمعون وبعد ذلك حتى الآن، وحلم الوحدة الاقتصادية التي كانت قائمة بين الافراد كانت الحلم الذي فقدت فيه الكوشارية ابنها إبراهيم، والحلم الذي لم يتحقق حين غادر رؤوف سوريا بعد أن تعلم من الاسكافي الحموي ما رسخ في ذهنه وسلوكه وأبقى على الارتباط العائلي الذي لم يحيا فيه طفلاً، وانما لمسه بين زوجات الحموي وعلاقته بهن واهتمامه بالعائلة وبه كفرد منهم .
 تناولتِ وإن بطريقة غير مباشرة علاقة الريف والمدينة ..وعلاقة مدن الاطراف بالعاصمة .ما سر ذلك ؟
- الرواية هي جزء من الكل ، وبما أنها ترتبط بالواقع من كل النواحي اجتماعياً وسياسياً وبيئياً ، فإن الاحداث تجري من خلال الامكنة والشخوص وما الى ذلك. في رواية "زند الحجر" امتزجت الشخصيات مع الامكنة، والبعد الحقيقي والرمزي والمجازي وسوى ذلك. لخلق فروقات بين الانتماء واللانتماء، وما بين المدينة والريف تضاد وتناغم، لكن هذا يتطلب الاحساس بالارتباط او الانتماء للمكان الحقيقي، والإخوة أبناء الشيخة سعاد المغضوب والمرضي هما طرفان ينتميان لأمّ واحدة، وما الصراعات بين جبل محسن والتبانة او بين اي بلدين عربيين إلا ابناء الأمّ الواحدة . أما علاقة مدن الاطراف بالعاصمة ، فهي علاقة المغترب ببلده الذي يزوره، فينبهر به ويعيش الصراع النفسي من تغيرات الامكنة وما تضفيه على النفس من اكتساب المعارف والفروقات الاجتماعية النابعة من أهمية المكان كحلم معاش في السكن ضمن منطقة الزاهرية في طرابلس أيضاً.
 هل يكفي رصد حركة شخصية واحدة للكلام على مصير جماعة بكاملها؟
- إن كنت تقصد رؤوف فهو الشخصية التي ترتبط مع الشخوص بأكملها ، وهو ابن عبدالغفور المتحدر من الأصل العكاري الشمالي وتفاعل الشخوص مع بعضها في العالم الروائي جعل من عفاف الشخصية الوحيدة التي ظهرت واختفت ولم يعرف القارئ لمن تنتمي رغم الايحاءات الكثيرة اثناء بحث ابنة رؤوف الدؤوب عن أصولها وانتمائها، وهي عازفة الكمان التي تركت آلتها واختفت حتى عن حبيبها الذي عاشت معه في شاليه القلمون المدينة الواقعة عند أطراف طرابلس .
 لماذا بيئتك لا اضواء فيها لماذا العتمة هي حالة نصك؟
- هي حال العشوائيات والاماكن الفقيرة والبؤس الذي يلف الكثير ممن عاشوا ويعيشوا الى الان في هذه الحارات الضيقة الشمالية في لبنان ، رغم الحميمية التي تربطهم كمشهد موت عائشة والتفاف الجارات والموالد التي اقامتها الشيخة السعاد، ومحبة ابو احمد لاخوته، ولكن انفتاح الكوشارية وتنقلاتها والولادات والفترة التي عاشها رؤوف في حماة اضافة الى حب عفاف ورؤوف ،هو بصيص ضوء تسلل بين خيوط العتمة الاجتماعية والنفسية التي عاشتها عائلة عبدالغفور
- مع أي الاشخاص انسجمت ضحى المل أكثر؟
لا أستطيع الميل الى أحد الشخوص او الانسجام مع احدهم دون الآخر، كل شخوص روايتي نمت معهم علاقة لم انسلخ عنها حتى اللحظة من رؤوف الى عفاف حتى الكوشارية ومحمود المصاب بالتوحد ولم ينتبه له أحد . انما صرف ميوله العدوانية بنحت العصي تحت شجرة الزنزلخت، وحكايا الفران ابو عشير حتى عديلة عمة وفردة كلساتها التي تدخر بها المال كل الشخوص هم عالم روايتي وانسجمت معهم تبعا لأهمية كل فرد فيهم في بناء الرواية .  بالمقارنة مع ما كتب عن مناطق البؤس والفقر فإنه لم تأت ضحى على ذكر أي بذاءة في حياة بؤساء روايتها ؟
- الزمن الروائي لعب دوره المهم في إبعادي عن ذلك، وربما الاحداث نفسها الا أني ضد البذاءة في الرواية وإن احتاج لها الروائي ولم يستطيع الهروب من ذلك ، فعليه أن يخلق نوعاً من الفهم المناسب لذلك ، لأنها ستكون ضمن سياق البناء الروائي الذي يقتطع من المجتمع أو من الحياة روايته مع الحفاظ على عدم خدش الحياء حفاظاً على أحاسيس القراء، وانما بتلطيف وتشذيب، وهنا تكمن قدرة الروائي الحقيقي على ذلك ، مثل رواية حارس في حقل الشوفان للكاتب الاميركي سالينغر
 كيف تصفين رواية زند الحجر باختصار شديد؟
- رواية "زند الحجر" هي محاولة الوقوف بين التخطي والاستجابة لفهم واقع من حطام .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

اليابان تسجل انخفاضا قياسيا في عدد السكان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram