لا يمكن إنكار مدى تأثير شخصية مدرب المان يونايتد البرتغالي مورينيو وحضوره الإعلامي المثير للجدل والذي أفردته شخصيته المركّبة بمشاغبات مثيرة هي الأخرى، فتراه يعاكس الإعلام، كما الحكّام واللاعب والجمهور، حتّى غدا ظاهرة ترصدها العدسات وتترقب منه كل صغيرة وكبيرة، ومن الممكن أن يكون له في أوروبا من يشبهه الى حدود بعيدة في اجتذاب الكاميرا بشتى الطرق مثل كونتي وسيموني والخبير يورغن كلوب، إلا أن تصرفات مورينهو هي الأشهر والأكثر إثارة!
من الطبيعي أن تكون ظاهرة مورينهو محط اهتمام وتقليداً عالمية وشرق أوسطية على وجه التحديد، والكارثة أن تكون عراقية، نعم كارثة لأن الحال يختلف تماماً في أوروبا، فالتشجيع والتأثر يصل لدينا الى مستوى إطلاق النار في الهواء احتفاءً ولا يحدث في بلدان أخرى، ويُبالغ اللاعب في استنساخ نجوم عالميين حتى يذوب تماماً في رسم حركاتهم بطريقته الخاصة والغرور يتشعّب في ملامح المدرب إن أراد تقليد مورينهو مثلاً، ويكون بذلك وبالاً على المدرب وفريقه، فما يصلح ومعتاد ببلدانهم ليس بالضرورة أن تكون له أرضية عندنا، فلا التركيبة البشرية ولا البنية الاجتماعية تتشابه في الوجوه !
للأسف نجدها ظاهرة مستنسخة لا معنى لها في مدربي المنتخبات الوطنية تحديداً من الباحثين عن الشهرة بسرعة البرق في التصريح الإعلامي أو محاولة اجتذاب الكاميرا بحركات غريبة لا معنى لها ولا تنتج سوى ضياع فكر اللاعب في المستطيل الاخضر الى خارجه، وهنا ليس من سبب لذكر الأسماء أو مشاهدة الحركات بالصورة البطيئة، ولنتابع معاً مجريات وأحداث منتخباتنا الوطنية في المباراة الأخيرة السبت الماضي واستذكار خليجي 23 وهكذا.
نحن نعلم أن المهمة التدريبية عملية احترافية وامكانية تتعلق بالمدرب وشخصيته وتفكيره وسعة التدبير لديه مع مرور دقائق المباراة والتلاعب بالخطط والواجبات حتى الدقائق الأخيرة، ولا أريد أن أقلل من شأن الكفاءات المحلية أبداً، ولكن أخشى من إنجرارها مع الموجة وتهويل الذات لديها تحت غطاء حب الظهور والتميّز بأية وسيلة ممكنة!
التصريح للإعلام خلال المؤتمرات الصحفية لا يمر مرور الكرام في الغالب إذا صاحبته اتهامات وتهويل لحديث جانبي، مع العلم إن اللاعب أثناء البطولة يتأثر بسرعة كبيرة بما يسمعه من المدرب والإداري والشواهد كثيرة جداً ومعروفة، لذلك كله لابد للمدرب أن يعيد ما يريد البوح به في داخله مرّات ومرّات قبل أن يُطلقه زوبعة رنانة تتناقلها أجهزة الإعلام بسرعة مع صورته، ولكن مفعولها يكون سلبياً على الفريق الذي يشرف عليه، وانيطت به مسؤولية إدارته الفنية، وشخصياً صرت أتوقع مثل هذه التصريحات قبل وأثناء البطولات الخارجية، ويصل المدى أحياناً الى التجاذب والوعيد بالتشكّي للقضاء مع القنوات الإعلامية والصحفيين أيضاً.
قلت في البداية أنها ظاهرة عدوى لمدربين أجانب، وأعني بذلك ما أعني كونها جديدة ومريبة، حيث لم يسبق أن كنا نسمع بمثل هذا الانسياق واللهاث خلف شهرة الصورة والتعليق على أمور لا يصح التعامل معها، وأنتم على أعتاب بطولات كبيرة يراقبها الجمهور بدقة متناهية ويحفظها عن ظهر قلب، وليس العكس أن يتحول المدرب الى مراقب لمواقع التواصل الاجتماعي ليستطلع تعليقات الجمهور ويفندها على هواه ويتأثر بها بقوة، التأثر بالمفيد والاستفادة منه حالة تعبّر عن نضج وبحث عن التطوّر، أما الشكليات فإنها زائلة ومشخّصة الواقعية والاحتراف في العمل والنتائج وليس بارتداء زيّ الآخرين!