adnan.h@almadapaper.net
صحيح أنها فترة دعاية انتخابية.. وصحيح أن سياسيي الصدفة العراقيين بارعون في أشياء كثيرة، أولها الكذب والاحتيال وسرقة المال العام، وكذا السعي لتسقيط بعضهم بعضاً.. وفي فترة كهذه يُظهرون كلّ براعاتهم.
لكنها أيضاً فترة مناسبة لجهاز الادعاء العام وهيئة النزاهة، وسائر هيئات الرقابة المعنية بقضايا الآفة الكبرى، الفساد الإداري والمالي، لتتبّع المعلومات التي يجود بها هؤلاء السياسيون أثناء ما يتدافعون بالمناكب لتسقيط بعضهم البعض لزوم الانتخابات المقبلة.
نواب ووزراء حاليون وسابقون يتحمّسون هذه الأيام في تصريحاتهم للكشف عن حالات فساد، إنْ صحّت، ولو بنسبة 25 بالمئة، سيشيب معها شعر تلامذة الابتدائية من هول وقائعها.
المفروض، كما هو الدارج في البلدان الأخرى، ما إن تُنشر أو تُبثّ معلومة عن جريمة حتى يتحرّك في الحال جهاز الادعاء العام من تلقاء نفسه للتحقيق فيها بوصفه الهيئة الممثلة للحق العام المكلّفة"حماية نظام الدولة وأمنها والحرص على المصالح العليا للشعب والحفاظ على أموال الدولة والقطاع العام"، و"الإسهام مع القضاء والجهات المختصة في الكشف السريع عن الافعال الجُرمية، والعمل على سرعة حسم القضايا وتحاشي تأجيل المحاكمات من دون مبرّر"، و"الإسهام في رصد ظاهرة الإجرام والمنازعات وتقديم المقترحات العلمية لمعالجتها وتقليصها"، بحسب ما ينصّ عليه قانونه.
والمفروض كذلك، كما هو الجاري في البلدان الأخرى أيضاً، أن تتحرّك في الحال هيئة النزاهة، الجهاز المكلّف مباشرة والمكرّس وجوده لمكافحة الفساد الإداري والمالي، لتقصّي الوقائع وجمع المعلومات والأدلّة اللازمة لمقاضاة سرّاق المال العام والخاص.
في أيام المعركة الانتخابية هذه تتدفّق معلومات بلسان نواب ووزراء حاليين وسابقين تحشو ملفات كبيرة، ومن اللازم أن يثبت جهاز الادعاء العام وهيئة النزاهة جدّيتهما في النهوض بالمهمات الملكلّفين بها لتتبّع قضايا الفساد الإداري والمالي التي عصفت بمئات مليارات الدولارات المخصّصة لبرامج التنمية ومشاريع الخدمات العامة، ما ترتّب عليه تفشّي الفقر والبطالة والامراض بين الغالبية من أفراد الشعب العراقي، وانهيار نظام الخدمات، وموت الحياة الاقتصادية في واحد من أهم البلدان المنتجة والمصدّرة للنفط، فضلاً عمّا يُفترض أن تجود به أراضيه الزراعية الشاسعة المرويّة بمياه نهرين عظيمين.
تحرُّك جهاز الادعاء العام وهيئة النزاهة مُستحق ومتوجّب، في هذه الفترة بالذات، ليس فقط لملاحقة الفاسدين والمفسدين، إنّما أيضاً لمنح الناس الأمل بإمكانية التغيير عن طريق الانتخابات.. قطاعات واسعة من الناس تبدو فاقدة الثقة بجدوى العملية الانتخابية، فالكلام السائر أن الانتخابات ستُعيد إلى الحكم سياسيي الصدفة الفاسدين أنفسهم وتُضفي الشرعية من جديد على وجودهم في السلطة وعلى فسادهم وتحول دون الكشف عن فسادهم وملاحقتهم قضائياَ.
هذا الكلام ليس عديم الصحة تماماً، لكن الموقف المترتّب عليه، مقاطعة الانتخابات، هو ما يريده الفاسدون والمُفسدون الذين لديهم القدرة، المالية والسياسية، وكذا الفنية المتعلّقة بالتلاعب بالعملية الانتخابية، لتأمين فوزهم"الكاسح"في الانتخابات.
نكاد نفقد الأمل تماماً في رئيس الوزراء ووعوده المتواصلة منذ ثلاث سنوات بإعلان الحرب الضروس على الفساد، ولم يبق أمامنا غير جهاز الادعاء العام الذي نتطلّع إلى مغادرة تواكله على هذا الصعيد، وكذا هيئة النزاهة التي تحتاج إلى جرأة أكبر في قضايا الفساد الخاصة بـ"الكبار"في الدولة والعملية السياسية.
جميع التعليقات 2
بغداد
استاذ عدنان حسين سؤال :- هو اكو جهز الأدعاء العام في العراق لو ماكو اشو لحد الآن ومنذ ١٤ سنة لم نرى ملامح له ؟! انت كم مرة كتبت بخصوص هذا الموضوع المهم ودائما تضع النقاط على الحروف وتؤكد انه لا يمكن لأي دولة صاحبة سيادة جهاز الأدعاء العام فيها جهاز لا يتا
أبو أثير / بغداد
موضوع الفساد وما ينشر في ألأعلام والخطب الماروثونية للسيد العبادي وباقي المسؤولين في العملية السياسية ... مجرد بالونات أنتخابية للضجك على عقل المواطن العراقي وعاطفته الجياشة ..... فقد اتفق الفاسدون على ميثاق عدم التعرض فيما بينهم واقتسام ما تبقى من العراق