قد يرتكب أحدهم جريمة فيسرق أو ينصب فتحكم عليه المحكمة بسنة أو سنتين سجناً. أما أن تتمكن أفكار بعينها أو تهيمن عقائد من دون غيرها من فكر البعض، وهو ما لا يعجب البعض الآخر، فيبادر الأخير إلى سن القوانين ونصب المحاكمات وإطلاق الأحكام وحبس الأفراد عقاباً لهم على فكر متغلغل أو توجّه متمكن، فهذا هو مثار الجدل في وسائل الاتصال في مصر.
أمين سر اللجنة الدينية في مجلس النواب في مصر الدكتور عمر حمروش، منكبٌ حالياً على إعداد مشروع قانون يجرّم الإلحاد في المجتمع المصري. وقال مدافعاً عن القانون: إن ظاهرة الإلحاد بين الشباب المصري لا يمكن السكوت عليها، ويجب تجريمها والتعامل معها باعتبارها ازدراء أديان.
«لا الأديان السماوية أو غير السماوية أو العقل أو المنطق يتصور أن ينجح قانون في منع تفكير، سواء كان سلبياً أو إيجابياً، بنّاءً أو هدّاماً، يعجب البعض أو يغضبه. مواجهة فكر لا تتم إلا بالفكر والنقاش والحوار، هذا إذا أراد المختلفون فكرياً أن يتحاوروا من الأصل». هذا ماكتبه أحد المغرّدين في أحد المواقع.
شرطة للأخلاق
شرطة الأخلاق التي باتت منظومة يستشعرها البعض في مصر يسخر منها قطاع من الشباب ويثني عليها قطاع آخر. فمع تكرار مبادرات شرطية لإغلاق مقاهٍ في نهار رمضان، وتوجيه أسئلة عن نوع العلاقة التي تربط بين شباب وفتيات يستقلون سيارة واحدة، وعدم تعاطف الشرطي مع الفتاة التي تعرضت لتحرش إذا كانت ترتدي ملابس اعتبرها الأول «غير لائقة»، انفتح باب السجال حول دور المجتمع وأجهزة الدولة في مراقبة ضمير الشعب.
التغييب وتعطيل العقل
حفظ القرآن كله قبل إطلاق الملحد مقترحاً شعبياً يرتكز على موافقة ضمنية لسن قانون يجرم الإلحاد. لكن بين صفوف الشباب من يعتبر الفكرة ضرباً من التغييب وبرهاناً على تعطيل العقل. وبحسب نصوص القانون المقترح فإن عقوبات الإلحاد تشمل الغرامة والسجن، وبالطبع قبل فرضهما بدرجاتهما المختلفة يتوجب التحقق من حصول الإلحاد. وقد تواترت المقترحات الشبابية للمساهمة في كشف الإلحاد. ففي حين أكد أحدهم أنه من السهل التحقق من الإلحاد كيميائياً عن طريق ورقة عباد الشمس بوضعها على لعاب الملحد لأنه عالي القلوية، وهناك من أعلن أنه قادر على ابتكار آلية لقياس نسبة الإلحاد في الدم، لكنه يحتاج إلى تمويل لتنفيذ مبتكره، وهلمّ جرّا. الكاتب والطبيب خالد منتصر كتب تغريدة اقترح فيها أن يكون هناك «محصّل دين» مثلما هناك «محصّل كهرباء» و «محصّل غاز» و «محصّل ماء»، وتكون مهمته قراءة عداد الإيمان في كل بيت لضمان استمرار الخدمة ودخول الجنة.
وبينما قواعد شبابية تملأ الأثير العنكبوتي سخرية من محاكم التفتيش و مراجعة الفكر، إذ بصاحب مقترح القانون أمين سر اللجنة الدينية في مجلس النواب الدكتور عمر حمروش «يطمئن» المصريين المعترضين بأن القانون المقترح لا يتعارض وحرية المعتقد المنصوص عليها في الدستور المصري لكنها ترتبط بالمادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، والإلحاد لا يتفق والشريعة!