adnan.h@almadapaper.net
عسى ألّا تكون المصلحة الشخصية والحزبية هي ما يجعل رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وحلفاءه المُحتملين معاندين لجهة عدم تأجيل الانتخابات بأي حال ولأي وقت.
مفهوم أن اللحظة الراهنة هي الأنسب للسيد العبادي لتحقيق طموحه في ولاية ثانية، مستنداً إلى الإنجاز الكبير المتحقّق بإخراج داعش من المدن والمناطق التي احتلّها في عهد سلفه، وإنْ كان هذا لا يعني أنّ خطر الإرهاب قد زال تماماً. وبطبيعة الحال فإن هذه اللحظة الراهنة هي الأنسب أيضاً لحلفاء العبادي المُحتملين لتحقيق تقدّم في الانتخابات المقبلة وتأمين مواقعهم في البرلمان والحكومة القادمين.
العبادي وحلفاؤه المُحتملون يركّزون على فكرة واحدة هي أن تأجيل الانتخابات مخالف للدستور.. بالطبع هذه ليست سوى ذريعة وحجّة، فما مرّت سنة بالعراق منذ 2006 حتى اليوم لم تحدث فيها انتهاكات لمبادئ الدستور وأحكامه، بعضها صارخ للغاية. السيد العبادي وحلفاؤه المُحتملون هم ممّن ساهموا في تلك الانتهاكات، أو أقلّه أتخذوا حيالها موقف المتفرج، بل المتواطئ.
من الأفضل أن تجري الانتخابات في موعدها الدستوري، وألا يحدث إخلال بهذا، حتى لا تُسجّل سابقة سيئة للمستقبل (مع أن الكثير من السوابق السيئة قد سُجّلت على مدى السنين الماضية). لتحقيق هذا (منع السابقة السيئة) كان على السيد العبادي وحكومته والمؤيدين له وحلفائه المُحتملين أن يُحضِّروا المشهد جيداً. هذا التحضير كان يقتضي، فضلاً عن تحرير المدن والمناطق التي احتلها داعش:
- إنجاز الإصلاحات السياسية والإدارية التي تعهّد بها العبادي وحكومته في الحزمتين اللتين طُرِحتا في العام 2015.
- تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الفساد الإداري والمالي، وهو ما كان العبادي قد تعهّد به أيضاً ولم يزل يُكثر من الحديث فيه حتى وصلنا معه إلى مرحلة ينطبق عليها المثل القائل: "نسمع جعجعة ولا نرى طحناً"، وصار يخيّل إلينا أن العبادي يعمل على هذا الصعيد بالطريقة التي عمل بها سلفه الذي لم يكن يكفّ عن الإعلان بأن لديه ملفات (في خصوص الفساد والإرهاب) من شأن الكشف عنها أن يقلب عاليها سافلها، وإلى اليوم لم يكشف عن شيء!.. المؤكد أن لدى السيد العبادي وهيئة النزاهة ملفات فساد مُكتملة يمكن لها فعلاً أن تقلب عاليها سافلها، ليس فقط على صعيد الكشف عن الفاسدين والمفسدين تمهيداً لمقاضاتهم واسترداد ما نهبوه، وإنّما أيضاً في سبيل قطع الطريق عليهم أمام المشاركة في الانتخابات، فالكثيرون منهم يتأهبون لخوض الانتخابات مباشرة أو عبر صنائع لهم مستندين إلى قوتهم المالية المتأتّية من سرقة قوت الشعب العراقي.
- تشريع قانون جديد للانتخابات يضمن النزاهة والشفافية اللتين لم يكفّ السيد العبادي عن التأكيد على أنهما من أهدافه.
- تأمين مشاركة النازحين في الانتخابات. هذا التأمين لن يكون إلّا بإعادة إعمار مدنهم ومناطقهم وعودتهم إليها واستئناف حياتهم الطبيعية فيها، وهذا ما لم يتحقق البتة إلى الآن حتى بالنسبة للمناطق والمدن التي تحرّرت منذ سنتين وثلاث سنوات، ناهيكم عن المدن المحرّرة في العام الماضي ولم يزل سكانها يعانون حال البؤس في مخيمات النزوح.
النتيجة الكبرى المتوقعة للانتخابات المقبلة، مادامت ستجري في موعدها، فإنّ السيد العبادي وحلفاءه سيفوزون فيها، ولكن ستكون إلى جانبهم في البرلمان والحكومة، هذه المرة أيضاً، الغالبية العظمى من الذين كانوا وراء الخراب الذي يكابده العراق والبؤس الذي يعانيه العراقيون.
وكأنك يابو زيد ما غزيت!