أصبح مهرجان سنغافورة السينمائي العالمي، ومنذ بدايته في عام 1987، حدثاً إقليمياً أساسياً في عالم الفن، بالرغم من كونه يُعقد في مدينة ــ دولة لا تنتج إلا حفنة من الأفلام المميزة في كل عام، كما يقول مارك شيلينغ في تقريره هذا.
وكما أوضحت لي المديرة التنفيذية لمهرجان سنغافورة السينمائي العالمي يوني هادي في مقابلة أجريتها معها خلال الدورة الثامنة والعشرين من المهرجان التي أقيمت في الفترة 23 تشرين الثاني ــ 3 كانون الأول 2017، فإن المهرجان لا يعرض فقط أفلاماً من جنوب شرقي آسيا، بل ويقوم أيضاً بدور رابطة تشغيل وتدريب للسينمائيين المحليين.
وفي الوقت الذي كان فيه العالم ممثَّلاً بشكل جيد في البرنامج المعد للمناسبة، كنت أنا أكثر اهتماماً لمشاهدة أفلام إقليمية، بدءاً بمسابقة الأفلام القصيرة لجنوب شرقي آسيا، وهو قسم يضم 15 فيلماً قصيراً لمخرجين شباب.وأحد الأعمال اللامعة هنا فيلم "اللعنة The Malediction" للمخرج الناقد الأندونيسي مقبول مبارك الذي يدور حول رجل مقتدر مالياً وفي منتصف العمر يتخذ له زوجة ثانية في الظاهر وفقاً للشريعة الإسلامية ــ وهي أرملة فقيرة، مع كونها شابة وجذّابة. ومهما كان الأمر، فإن زوجته الأولى ترتاب في أن دوافعه الحقيقية أقل صواباً من ذلك. وفي النهاية احتقرته المرأتان وقلبتا عليه الطاولة!
وكان الاكتشاف الآخر "مارلينا القاتلة" للمخرج الأندونيسي ماولي سوريا، الذي عُرض في قسم المشهد الآسيوي من المهرجان. وهو فيلم يصور انتقام امرأة تتعرض لاعتداء رجال عصابة عليها. إذ يقوم هؤلاء، في تلال مهجورة بجزيرة إندونيسية، بمهاجمة أرملة شابة تدعى مارلينا وسرقة ماشيتها. فتقتل عدداً منهم دفاعاً عن نفسها، وتمضي ساعيةً وراء العدالة، في رحلة من أجل التقوّي والاستشفاء من الخطيئة. وتكون الطريق طويلة وخاصةً حين يبدأ شبح ضحيتها المقطوع الرأس بالظهور لها.
أما "الملائكة ترتدي الأبيض" لفيفيان كو، وهو فيلم الافتتاح في المهرجان، فتقوم حكايته من خلال وجهات نظر مايا، الشاهدة الوحيدة على اعتداء جنسي؛ ويمكن القول هنا أن تفكير المخرجة بشأن الوجود غير المستقر الذي تعيشه أنثى شابة في الريف الصيني أمر جدير بالملاحظة في واقعيته الموضوعية ويقدّم لنا صورة معقدة للشباب والشابات البالغات سن الرشد عبر التحرر من الوهم.
وقد شاركت في المهرجان أفلام عديدة أخرى من العراق، مصر، الهند، تايوان، سنغافورة، ماليزيا، إيران، اليابان، تايلاند، وغيرها من بلدان جنوب شرقي آسيا، إضافًةً لأفلام من كندا، وإسرائيل، وفرنسا وغيرها من بلدان العالم، وكان بعضها إنتاجاً مشتركاً بين شركات سينمائية عالمية مختلفة.
ويجدر بالذكر أن العراق كان حاضراً في مهرجان سنغافورة السينمائي العالمي هذا من خلال عرض فيلم "غير صالح" للمخرج العراقي عدي رشيد، الذي يصور احتلال القوات الأميركية للعراق في عام 2003، والذي فاز بجائزة أفضل فيلم في المهرجان.
عن/ The Japan Times
مهرجان سنغافورة السينمائي العالمي
نشر في: 11 يناير, 2018: 12:01 ص