أمامي ترجمتان لنص واحد ، لمترجمين إثنين — مغربي ومشرقي — يختلفان في المبنى والمعنى العام ،، مما يثير سؤالا محورياً : أيهما الحقيقي ؟ وأيهما أشد إرتباطا بالنص الأصلى الذي قصده صاحب النص ؟؟
الترجمة : كما هو معروف ( إلتزام ) الى جانب كونها علم وفن وحسن إختيار .. ودراية كافية (( أكاد أقول تامة)) بأفانين اللغتين : الأ صلية ( المترجم عنها ) والمترجم إليها …..فهي (علم) بسبب ، إن على المترجم أن يستوعب الخصائص اللغوية والنحوية والدلالية والسياق العام للغة التي يترجم عنها الى اللغة التي يترجم إليها ،، وكونها( فن ) من حيث إن على المترجم أن يستوعب الخصائص الجمالية في اللغتين ،أما كون الترجمة آختيار ،، فبسبب إن على المترجم أن يسأل : ماذا أترجم ؟ولماذا أترجم هذا النص دون غيره ؟ ولمن أترجم ؟؟
الترجمة إلتزام أخلاقي ،،، فقد توجب على المترجم الإنجليزي لمسرحية ( كوميديا قديمة ) أن يدعو مؤلفها الروسي الى لندن للإشراف على نقل النص الروسى للإنجليزية .. وكان المترجم الإنجليزي لرواية (( مائة عام من العزلة )) مضطراً للقاء غابريل ماركيز في محل إقامته ليتفق معه حول بعض التراكيب عند نقلها من الإسبانية إلى الإنجليزية ..
شهرة ٠( باسترناك ) لم تتأت (ى) من كونه شاعراً فحسب ، فقد ذاع صيته بسبب ترجماته لروائع شكسبير - ماكبث و هامليت وعطيل والملك لير ،، وكأن شكسبير —عبر ترجمة باسترناك قد أصبح روسياً لا إنجليزياً .
وكآننا لا نعرف عن صدقي إسماعيل مترجماً إلا من خلال ترجمته لكتاب ( رامبو) ..فما أن يذكر إسم رامبو إلا ويقفز للذهن اسم صدقي إسماعيل وإن كان هذا الأمر لا يلغي جهد المترجم خليل خوري ل ( رامبو)
………
الترجمة الملتزمة . عناء ومكابدة ، خلافا للتأليف الحر الذي يختار المؤلف ألفاظه ومصطلحاته من مخزونه الثقافي والمعرفي في اللغة الأم ،،، فيا لثقل أعباء المترجم
ويا لسعة صدر القراء فيما يقرأون من ترجمات .
# بعض الجذاذات مستلة من موضوع ( ما بعد الذاكرة.. للكاتب سامي محمد )
محنة المترجم
[post-views]
نشر في: 7 يناير, 2018: 09:01 م