وجهت روسيا انتقاداً لاذعاً للولايات المتحدة بسبب دعوتها لاجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لبحث الاحتجاجات في إيران. وقال فاسيلي نيبينزيا، المبعوث الروسي للأمم المتحدة، إن تدخل مجلس الأمن في "شأن داخلي" يسيء إلى الأمم المتحدة. وكانت نيكي هايلي، مبعوثة الولايات المتحدة إلى المنظمة الدولية، قد أثنت قبلها بدقائق، على الاحتجاجات في إيران، ووصفتها بأنها "استعراض قوي لشعب شجاع".
واعتبر المبعوث الإيراني غلام خشرو أن واشنطن تسيء استخدام سلطتها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
وقال خلال كلمته أمام مجلس الأمن: "للبلطجة الاميركية تاريخ طويل في الأمم المتحدة إلا أن المثال الراهن أي بحث الشؤون الداخلية لدولة ما يبعث على السخرية. هذا الموضوع أي الاحتجاجات التي تعاملت معها الحكومة الإيرانية بمنتهي الاحترام لحقوق المحتجين وسعت بكل الطرق للبت في هذه القضية بصورة سلمية خلافاً لوجود أفراد دعاة عنف والتشجيع الخارجي من قبل آخرين كالرئيس الأميركي"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) .
وقتل 21 شخصاً على الأقل في الاحتجاجات، التي اندلعت في مدينة إيرانية واحدة في أواخر كانون الأول الماضي، وانتشرت سريعاً، وردد فيها المتظاهرون شعارات ضد الحكومة.
ويوم الأربعاء أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني هزيمة ما وصفه بأنه "تحريض" في البلاد.
وقال خشرو إن الولايات المتحدة "فقدت كل سلطتها ومصداقيتها الأخلاقية والسياسية والقانونية في عيون العالم".
كما أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على تويتر إلى أن مجلس الأمن "انتقد محاولات الولايات المتحدة الصارخة لاستغلال تفويضها".
وفي الاجتماع، قالت فرنسا إن أي تدخل في شأن إيران سيأتي بنتائج عكسية وإن الاحتجاجات الأخيرة هناك، رغم أنها مقلقة، لا تهدد الأمن والسلام العالمي.
وقال المبعوث الفرنسي فرانسوا ديلاتر إن المجتمع الدولي يجب أن يلتزم بتنفيذ الاتفاق النووي مع إيران، الذي رفضت إدارة ترامب إقراره.
وفوجئ أعضاء مجلس الأمن بدعوة هيلي لاجتماع عاجل لمجلس الأمن لمناقشة الاحتجاجات في إيران، واضطرت إلى ممارسة ضغوط ضد المعارضة الروسية للاجتماع، حسبما قالت مراسلة بي بي سي باربرا بليت أشر.
ويجب أن يدعم تسعة أعضاء من بين 15 عضوا في مجلس الأمن القضية حتى تضاف على جدول أعمال مجلس الأمن للنقاش.
وقالت مبعوثة الولايات المتحدة للمجلس إن واشنطن تقف "دون تردد من هؤلاء في إيران الذين يسعون للحرية لأنفسهم والرخاء لأسرهم والكرامة لبلدهم".
ولكن المبعوث الروسي قال إنه إذا تبنى المجلس "منطق" الولايات المتحدة، فإنه كان يجب أن يعقد اجتماعا بعد الاحتجاجات في فيرغسون بولاية ميزوري في أغسطس/آب 2014، والتي تسبب فيها مقتل صبي أسود على يد شرطي أبيض.
من جانب آخر نظم آلاف من أنصار الحكومة مسيرات مؤيدة في إيران لليوم الرابع يوم السبت ردا على احتجاجات واسعة النطاق ألقت المؤسسة الدينية باللوم فيها على أعداء الجمهورية الإسلامية.
وتأتي المسيرات بعد يوم من تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من الولايات المتحدة لبحث الاحتجاجات في إيران تحوّل إلى ”خطأ فادح“ لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأظهرت لقطات على التلفزيون الرسمي خروج مسيرات في مدن من بينها آمل وسيمنان وشدكان فيما حمل المشاركون الأعلام الإيرانية وهتفوا ”الموت لأميركا“ و”الموت لإسرائيل“ و”الموت لبريطانيا“.
وقال مسؤولون إيرانيون إن 22 شخصا لقوا حتفهم كما تم القبض على أكثر من ألف في أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة منذ نحو عقد.
وامتدت القلاقل إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة في الريف وشارك فيها آلاف من الشبان وأبناء الطبقة العاملة الغاضبين من الكسب غير المشروع والبطالة والفجوة الآخذة في الاتساع بين الفقراء والأغنياء.
وقال سكان اتصلت بهم رويترز في عدد من المدن يوم الجمعة إن الاحتجاجات تراجعت بعد أن كثفت الحكومة حملة ضد المحتجين بإرسال قوات الحرس الثوري لعدد من الأقاليم.
ونُقل عن علي رضا رشيديان الحاكم الإقليمي في مشهد بشمال شرقي البلاد، حيث بدأت الاحتجاجات، قوله أمس السبت إن السلطات أطلقت سراح 85 بالمئة من المحتجزين هناك بعد توقيعهم على تعهد بعدم ارتكاب مخالفات من جديد.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن رشيديان قوله ”أحيل للسلطات القضائية من لهم سجل جنائي أو من اتهموا بالتخريب مثل إشعال حرائق بدراجات نارية أو إلحاق أضرار بمبان عامة“.
وقال مساعد رئيس جامعة طهران للشؤون الثقافية والاجتماعية مجيد سرسنكي إن الجامعة شكلت لجنة لمحاولة التوصل إلى مصير طلبة اعتقلوا خلال الاضطرابات.
وقال سرسنكي لوكالة الطلبة للأنباء ”جهودنا في الجامعة تهدف إلى التعاون مع السلطات المعنية لتهيئة الظروف لعودة الطلبة المعتقلين للجامعة ولأسرهم في أقرب وقت ممكن“.
وفي تصريح منفصل قال عضو في البرلمان إن نحو 90 طالبا معتقلون عشرة منهم لا يعرف مكانهم.
ونقلت وكالة العمال الإيرانية للأنباء عن السياسي الإصلاحي محمود صادقي قوله ”فيما يبدو أن العدد الإجمالي للمعتقلين هو نحو 90. هناك عشرة طلبة من جامعات في طهران ومدن أخرى في مواقع غير معروفة... ولم يعرف بعد أي جهة اعتقلتهم“.
وأظهرت لقطات نشرت على مواقع للتواصل الاجتماعي في الأيام الماضية أقارب لمعتقلين تجمعوا خارج سجون لمحاولة معرفة أي معلومات عن مصير ذويهم.
وتحول اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة لمناقشة الاحتجاجات إلى انتقاد للولايات المتحدة لطلبها اجتماع المجلس بشأن ما وصفته بعض الدول الأعضاء بقضية داخلية تخص إيران.
وكتب ظريف في تغريدة ”مجلس الأمن الدولي رفض محاولة الولايات المتحدة المكشوفة لخطف تفويضه.. خطأ فادح آخر لإدارة ترامب في مجال السياسة الخارجية“.