TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "قولون" المجلس الأعلى

"قولون" المجلس الأعلى

نشر في: 2 يناير, 2018: 06:03 م

ستتحدّث كتب التاريخ يوماً عن ساسة ومسؤولين عراقيين، قلوبهم على إيران، وعيونهم صوب السلطان أردوغان، ولاينامون الليل إلّا ويطمئنوا أنّ كل شيء تمام في طهران وأنقرة، في الوقت الذي نراهم يصرّون على أن يبقى العراق متصدّراً تصنيف الأمم المتحدة للدول الأكثر بؤساً وخراباً.
منذ خمسة عشر عاماً ونحن نعيش في ظلّ مسؤولين باتت تبعيّتهم الكاملة لما تقرّره دول الجوار أمراً واضحاً يتكرر بين اليوم والآخر. ويعلم هؤلاء الساسة والمسؤولون أنّ المواطن العراقي يستطيع أن يحصي بشأنهم عشرات التصريحات التي تساند ما يجري في أنقرة وطهران والدوحة أو الرياض، فيما نراهم لايحسبون حساباً لوطن اسمه العراق.
بالأمس اكتشفنا أنّ عدداً من النواب أصابهم الوجوم وأوجاع القولون، لأنّ هناك تظاهرات في إيران تطالب بفرص للعمل ومحاسبة المفسدين، وهذه الآفة، ولا أعني آلام القولون وإنما آلام "الوطنية " لا تمرّ بمعظم سكان العالم، لكن يحلو لبعض نوّابنا "الأفاضل" أن يثبّتوها كمبدأ من مبادئ حرية الاختيار بين البلد الذي ولدت فيه، وتستولي على خيراته، وبين البلد الذي تدين له بالولاء المطلق، طبعاً لا اعتراض عندي أن يُبدي البعض رأياً في ما يجري في دول الجوار، ولكنها المرة الأولى التي يرفع فيها نواب أيديهم بالدعاء من أجل أن يُدحر المتظاهرون، ويضيفون لدعائهم نظرية المؤامرة التي تخبرنا دوماً أنّ هناك أصابع ماسونية في كل ما يجري على هذه الكرة الأرضية.ربما سيقول البعض يارجل، ألا تعترف بأنّ الماسونية سرقت منّا أكثر من 600 ملياردولار!
تتذكرون أنّ المجلس الأعلى الإسلامي ظلّ يتهم تظاهرات الشباب في العراق بأنها مؤامرة للعبث بالنظام الديمقراطي،وإذا بحثنا عند السيد غوغل سنجد خطبة القيادي في المجلس الأعلى السيد صدر الدين القبانجي وهو يحذرنا بالقول :" من الضروري معرفة الآليات للتظاهر، وأن تحمل إجازة قانونية، وأنا متأكد أنّ الشعب العراقي لن يشارك في هذه التظاهرات، لأن الهدف من ورائها ليس مطالب خدمية أو إصلاحية، وإنما شعارات تريد العودة الى الحكم اللاديني، إنّ هذه التظاهرات تحركها أيدٍ من خارج الحدود للتآمر على العراق ''.
الحالة السياسية، مؤسفة هناك ياسادة ألف إثبات على تاريخ طويل من تآمر أميركا، ولا أحد في حاجة إلى سخافة سطحية باهتة من نوع أنّ تظاهرات الشباب في إيران هي مؤامرة دولية، لأنّ الذي يهدّد إيران اليوم ليس العالم وإنما طموحاتها خارج الحدود، ونسبة البطالة التي تجاوزت معدلاتها، وخنق الحريات الشخصية، والمطلوب السعي لمحاربة الفقر والارتقاء بمستوى المعيشة، فالناس ملّت من الشعارات التي لاتريد أن تنتهي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ علي حسين نحب ان نرى على صحيفة المدى على الأقل ذكر للمظاهرات العارمة التي يقودها الشعب الأيراني ضد اعتى أنظمة الحاكمة شراسة انه النظام المذهبي المعقد الذي لا يُؤْمِن بحرية الرأي خارج نظامه الدموي الذي امتد ظلمه من تدخلاته القوية في كل من سوريا والعرا

  2. أم رشا

    اليوم بشار الأسد أيضا أعلن أن ما يحدث في إيران هو مؤامرة دولية ..سبحان الله عندما تدخل جيوش أكثر من ثلاثين دوله لتحتل بلد وتغير نظامه وتدمره لم يكن ذلك مؤامرة دوليه بل هو ثورة شعب ثار على الظلم ومن جهة أخرى عندما خرجت تظاهرات الإيرانيين ضد النظام اعتبر ا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram