هاهم المسؤولون العراقيون يغلقون أبواب العام ويغلقون معه ملفات داعش وكل مارافقها من وجع عراقي، ويستعدون لفتح باب العام الجديد وهم يحملون لواء محاربة الفساد فهي القضية الأكثر سخونة لديهم حالياً وهم يقبلون على انتخابات جديدة يصر أغلبهم على اجرائها حتى لو كانت قاصرة ومنقوصة..
ولأن العراقيين يعيشون منذ سنوات أفلاما اختلفت مواضيعها وتنوع ابطالها فلن يضيرهم أن يعيشوا فيلما جديداً يجسد (الفساد) دور البطولة الرئيسية فيه بلا منازع، لكن الجديد في هذا الفيلم انه لايحمل سمة واحدة بل تتعدد فيه السمات فهو يحمل الكثير من الدراما لأن اضرار الفساد تنعكس على الشعب وتفقده الرغبة في العيش وتستمر فيه الحكايات المأساوية للفقر والحرمان والنزوح والبطالة والظلم والتهميش، وهو فيلم كوميدي لأن كبار الفاسدين فيه هم الذين ينادون بمحاربة الفساد ويحمي البعض منهم أقرانه الفاسدين، كما أن فيه قدراً لابأس فيه من الحركة والإثارة لكثرة مايقوم به المسؤولون حالياً من جولات تفقدية للمواطنين يمدونهم فيها بالوعود ويغذونهم بالآمال ويحدثونهم عن آفة الفساد وضرورة القضاء عليها، وهو فيلم تاريخي لأنه يعيد الينا قصص الماضي بوجوه مختلفة، ففي الماضي كان الشعب العراقي يئن من ظلم الدكتاتور المخلوع، وحين يقوم باجراء استفتاء عن رغبة الشعب بدوام حكمه تظهر النتائج بأن الجميع يريده دون استثناء، واليوم، يئن العراقيون من ممارسات الاحزاب والكتل الكبيرة والمتنفذة، وحين تجرى الانتخابات يعودون لانتخاب نفس الوجوه وتعود نفس الكتل والاحزاب لتتصدر المشهد السياسي، ليس لأن الشعب مكتوف الأيدي ومسلوب الارادة كما كان في السابق بل لأنه (متخندق) عدا مايتخلل ذلك من عمليات تزوير وشراء ذمم وولاءات من قبل اعضاء مفوضية الانتخابات وما الى ذلك من التوابل التي تضيف للافلام العراقية نكهة خاصة..
ولايخلو فيلم (الفساد) من مشاهد الرعب التي قد تضاف الى قصة الفيلم في حالة تهديد كيان كتلة ما أو اساءة حزب لمنافس آخر فالعواقب لن تكون بسيطة وقد يسقط قتلى ابرياء بسبب انفجار مفاجيء أو اقتتال داخلي أو حملة اغتيالات فكل شيء جائز في السينما العراقية السياسية، كما ان فيلم الفساد خيالي ورومانسي الى درجة ملفتة لأن المسؤولين ينثرون الحلول الخيالية والمشاعر الوطنية المزيفة في كل تجمع جماهيري أملا منهم في كسب القلوب قبل العقول فالفرد العراقي عاطفي بطبعه وقد يتأثر بكلماتهم المنمقة ويرتمي في أحضان أحزابهم وكتلهم من جديد ويحتمي بها من عواقب الدهر..
اتساءل، كيف سينتهي مثل هذا الفيلم الخارق؟..هل ستكون النهاية سعيدة كما في الافلام العربية الكلاسيكية عندما يهلك البطل الشرير (الفساد)، ام سنذرف الكثير من الدموع كما في الافلام الهندية حين ينتهي الفيلم بمآس جديدة؟أعتقد ان النهاية ستظل مفتوحة كما في افلام الواقعية الجديدة وتستمر الاحداث اليومية دون تغيير.. واعتقد أيضا ان مثل هذا الفيلم لن يقنعنا مهما احتوى على خدع وحيل سينمائية وسيحتاج بالتالي الى ان نضع نحن له كلمة (النهاية)...بأيدينا..
سينما عراقية
[post-views]
نشر في: 25 ديسمبر, 2017: 09:01 م