عاقبت مديرة المدرسة، علي، الذي يبلغ عشرة أعوام بأول إنذار في حياته، أما أمّه فحل الخبر عليها كالصدمة قائلة “لم أتوقع يوماً تصرفاً عنيفاً من طفلي البريء، أو أن ينتقل العنف الذي يشاهده هو وجميع من بعمره إلى سلوكياته، ويبدأ بتطبيقها على زملائه في المدرسة”.
ألعاب الفيديو “اونلاين” التي تحتوي في مضمونها على ألعاب قتال وساحات معركة، يلعبها أكثر من 27 مليون لاعب نشط يومياً حسب مواقع انترنت عالمية، ما تنتج ما بات يعرف بــ” العنف الترفيهي”.
مسبّبات العنف الترفيهي العنف الترفيهي، بحسب اختصاص علم الاجتماع الدكتور عدنان ياسين، هو العنف المنقول من وسائل الاتصال عن طريق الترفيه ومشاهدة أفلام الاكشن وأفلام الكارتون.
ويوضح أن العنف ثابت، فما يلحق الضرر بالأطفال إن كان جسدياً ونفسياً وعقلياً، يندرج تحت بند العنف، موضحاً أن العنف الذي يأتي من الترفيه والتسلية مدخل خطير في عقل الطفل والمراهق، لأنه يلعب بالفعل بمعتقداتهم وقيمهم ومفاهيمهم وتوجهاتهم.
والتغيّر في العقل يعني تغيراً في الجسد والنفس، كما يقول، والعنف عن طريق وسائل الإعلام، يؤثر في الشخص نفسه وعلى المحيطين به، لأن قناعاته ستخرج بردود فعل عنيفة عن طريق جسده كالضرب والتعنيف أو عن طريق التعنيف النفسي والإيذاء اللفظي.
وتقول اختصاصية علم النفس التربوي الدكتورة ابتسام السعدون “لا يمكن لوم الأطفال والمراهقين لما يتلقونه من مشاهدات عنيفة وإن كانت من ضمن ترفيههم اليومي”.
وتلوم الأهل دائماً فيما يتعرض له الأطفال، إذ عليهم مراقبة ما يشاهدونه أو يلعبونه، “لكن انشغال الأهالي في العمل والبيت، يبعدهم عن أولادهم، ويتركونهم للتسلية والترفيه على الهواتف الذكية والايباد أو ألعاب الفيديو والتلفزيون من دون توجيه أو مراقبة أو شرح لما يتلقونه إن كان مفيدا أو ضاراً في تنشئتهم”.
وتبيّن أن كثيراً من الأهالي يستغربون سلوك أطفالهم العنيف في المدرسة، خصوصاً أنه هادئ عادة، ويلعب طوال اليوم بألعاب الفيديو أو يشاهد التلفزيون، لكن حدثاً بسيطاً مع الطفل يكشف أنه يقلّد البطل الذي يمثّل في أفلام الأكشن أو العاب الفيديو التي تحتوي على عنف وقتال الشوارع وغيرها. وتنصح الدكتورة ابتسام الأهالي بالجلوس مع أطفالهم حتى لوقت قصير لشرح خطورة ما يشاهدونه، من تلك الألعاب .
العنف وشيوع الجريمة
ويضيف الدكتور عدنان، جرائم الأحداث دائماً تثير التساؤلات حول كيفية وصولهم إلى هذه الاحترافية بالتنفيذ، والإجابة أن ما تلقّاه الطفل على فترات كثيرة جعلت من داخله شخصاً مجرماً، وما كان عليه إلا التطبيق والتقليد لما يراه ويتشبّع منه في كل وسائل الاتصال، إما عن طريق مشاهدة التلفزيون وكرتون الأطفال وحتى ألعاب الفيديو، فتسليتهم في هذا الزمان بمشاهدة العنف واللعب فيه.
وينصح د. عدنان، بعدم ترك الأطفال والمراهقين مع المادة الإعلامية الضارة والغريبة عن التنشئة التي يحلم بها الأهالي لأبنائهم، وشرح كل ما يشاهدونه، لافتاً إلى أن الأطفال وبعض المراهقين محدودو التفكير وبحاجة لإيضاح ما يحدث وما يتلقونه
دائماً.