لعلّكم تتذكرون معي مقطع الفيديو الذي ظل مدة طويلة تعيده قناة العراقية والذي يظهر فيه رئيس مجلس الوزراء آنذاك السيد نوري المالكي وهو يقول “قبول العراق بالمنظمة حدث تاريخي مهم” من هي المنظمة التي يحييها المالكي؟ إنها منظمة الشفافية الدولية التي وافقت على أن يكون العراق عضواً دائماً فيها.. كان ذلك عام 2012، ومثلما انتظر العراقيون أن يثبت المسؤول العراقي أنه شفّاف جداً في مسألة الكشف عن واردات العراق، وأن يعرف المواطن أين تذهب عشرات المليارات من واردات النفط التي تتبخر بفعل فاعل.. اكتشفت منظمة الشفاففية أنها عاشت الوهم مثلما يعيشة العراقيون كل يوم، ولابد من عودة العراق الى مكانه الحقيقي ضمن قائمة الدول العشر الأوائل الأكثر فساداً في العالم..هذه الشفافية الجميلة نبّهتني الى البيان " الشفّاف " الذي أصدره برلمان إقليم كردستان ومعه الحكومة في الإقليم وهما، يخبروننا أنهما يعتبران التظاهر حقاً شرعيّاً للمواطنين وأنهم مشكورين دافعوا عنه دائما، ولكن باسم الشفافية نفسها، لايهم أن يُقتل عدد من المتظاهرين ويُصاب آخرون بجروح وتغلق وسائل الإعلام مادمنا نرفع شعار الشفافية في وجوه محتجّين يدفعون ثمن خلافات سياسية لايريد لها الجميع أن تنتهي.
وفي حلبة الشفافية هذه يتسلّى البعض بالظهور في الفضائيات، وعلى خشبات المسارح وهم يصرخون " مدنيّة..مدنيّة " وقبل يومين فات رجل المدنيّة الاول في العراق سليم الجبوري أن يشرح للعراقيين، كيف أنّ حزباً دينياً يساهم في تشريعات ضدّ الدولة المدنيّة، يمكن له أن يصبح أحد أقارب الفيلسوف الإنكليزي جون لوك الرجل الذي وضع أول دستور عن الحكم المدني.
لا يُعاتب سياسي على ندمه أو اعترافه بالخطأ. لكنّ السذج " أمثالي " فقط يمكن أن يضحك عليهم مذيع تلفزيوني يطمح بكرسي النائب فتنقَّل من أجل ذلك من المجلس الأعلى الى دولة القانون واستقرّ أخيراً تحت عبارة " مدني "،ولايمكن لمواطن أن يصدّق أنّ أحزاباً رفعت شعار الدولة الدينية وتشتم المدنيين في قنواتها طوال 14 سنة، يمكن أن تصبح أحزاباً مدنية ،لأن مزاج النائب تغيّر، فلابدّ من تغيير البوصلة.
تصرّف السياسي العراقي على أنّ البلاد مزرعة أُعطيت له، فأنهك هذه المزرعة بالسياسات الفاشلة وبالخراب ليتحوّل ملايين العراقيين إلى السكن في بيوت الصفيح والخيام.
إذن، نحن أمام انتخابات سنستبدل فيها حزب الدعوة بحزب الدعوة المدني، وجمال الكربولي بمحمد الكربولي المدني، ونعيش أبد الدهر مع " الرموز التاريخيّة " التي رافقت الخراب، منذ أن اخترع لنا إبراهيم الجعفري " الشفافية العراقية! ".
الشفافيّة على الطريقة العراقيّة
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2017: 06:11 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
معرض العراق الدولي للكتاب: بوابة نحو التميز الثقافي والتضامن الإنساني
النفط يتصدر المشهد وتبدلات مفاجئة في ترتيب دوري نجوم العراق بعد الجولة الثامنة
العراق يُطلق منصة لتنظيم العمالة الأجنبية وتعزيز الرقابة الإلكترونية
العراق تحت قبضة الكتلة الباردة: أجواء جافة حتى الاثنين المقبل
ضبط طن مخدرات في الرصافة خلال 10 أشهر
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 1
أم رشا
هل تعتقد يا استاذ علي ان هذا المذيع الذي تقصده يكتفي بأن يكون نائب ..!السمة الغالبة على المطبلين في المشهد السياسي أن لديهم أكثر من وجه لكي يستعملوا الوجه المناسب في الوقت المناسب والامثله كثيره واكبر مثال الذي في بالك والي في بالي مع احترامي