TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: بيبر

موسيقى الاحد: بيبر

نشر في: 24 فبراير, 2018: 06:01 م

ثائر صالح

يعد هاينريش إغـناتس فرانتس فون بيبر (1644 - 1704) أعظم مؤلف للكمان في التاريخ وأحد أهم موسيقيي القرن السابع عشر، إلا أنه لا يزال مجهولاً لدى الكثير من عشاق الموسيقى الأوروبية. موسيقاه عصرية جداً وسهلة التذوق، ولسبب بسيط: لأنها موسيقى عظيمة. تكاد تقرب من موسيقى الپوپ في بعض مقاطعها بسبب حيويتها من جانب، نلمس فيها جذور موسيقى عصر النهضة من جانب آخر، وهي الموسيقى التي ما تزال تحافظ عليها بعض لهجات الموسيقى الشعبية الأوروبية، مثل الموسيقى الكلتية الايرلندية، ونجد اصداء لها في الموسيقي الشعبية المجرية وغيرها.
ولد بيبر في بوهيميا (منطقة في تشيكيا قرب جبال الآرتس التي تحدها مع ألمانيا) لكنه أمضى غالبية حياته في سالتسبورغ بالنمسا، بعد أن عمل لبضعة سنوات في غراتس النمساوية، وكذلك في اولوموتس (في شرقي تشيكيا). تعد سالتسبورغ مركزا دينياً مهماً، فهي مركز لأسقفية رعت الفنون والموسيقى على وجه خاص. كان بيبر يتمتع بقدرات تقنية مذهلة في العزف على الكمان، سواء في استعمال القوس أو يده اليسرى. إذ تتميز أعماله للكمان المنفرد بأنها تزخر بالتآلف الموسيقي عبر إداء نغمتين أو أكثر في نفس الوقت، الى حد أن أعماله للكمان المنفرد كتبها لصوتين في أكثر المواقع.
كان مولعاً بالتصوير الموسيقي. من أبدع الأمثلة عمله المسمى المعركة، وهو عمل ألفه في 1673، يستحق الوقفة بسبب الخيال الخصب في التصوير الواقعي، ويمكن وصفه بأنه من النماذج الرائعة للموسيقى التصويرية. وقد قسم بيبر العازفين إلى مجموعتين تتحاوران أحياناً وتتقاتلان أحياناً أخرى. وفي الحركة الثانية تعزف المجموعتان في نشاز واضح، غايته تصوير الصخب وحالة السكر في الحانة حيث اجتمع المقاتلون عشية المعركة، وقد نجح في ذلك نجاحاً كبيراً في رأيي. ويصور دوي المدافع في المعركة باستعمال الكونترباص وقد وضع ورقاً تحت الأوتار لإستنباط صوت يشبه صوت المدافع. ويختتم العمل بقطعة حزينة تصور أنين الجرحى من الجنود، وقود الحروب.
أحد أشهر وأجمل أعماله "المسبحة"، وهي سلسلة من 15 سوناتا للكمان مع المصاحبة، عنوانها وموضوعها ديني تصور معجزات السيد المسيح، يختتمها بباساكاليا للكمان المنفرد في صول الصغير، وهو شكل يعتمد تكرار لحن قصير في طبقة القرار يستعمل كأساس يبنى فوقه العمل. تتميز هذه المقطوعات بدوزان الكمان غير المعتاد، إذ كان بيبر يغير الدوزان حسب السلالم ليلائم الدوزان موقع الأصابع في السلم المعين ويسهل أداء أكثر من صوت واحد على الأوتار. ولم يستعمل الدوزان الاعتيادي مي لا ري صول إلا في السوناتات الأولى والأخيرة فقط. وتعتبر هذه الـبـاساكاليا الشهيرة واحدة من أولى الأعمال الموسيقية للكمان المنفرد في التاريخ.
من أعماله المثيرة سوناتا للكمان مع المصاحبة المعتادة في عصر الباروك (الباص المستمر)، وهي موسيقى تصويرية عن بعض الحيوانات والطيور، مثل العندليب والضفدعة والقطة، وهي ممتعة جداً.
لكنه لم يقتصر على أعمال الكمان، بل اشتهر بالدرجة الاولى بتأليف الأعمال الكنسية الغنائية، وبعضها كتبه لفرق كبيرة وكورس ضخم. تتميز هذه الأعمال باستعمال بناء موسيقي معقد ومتشابك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إردوغان عن دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح: "فرصة تاريخية"

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram