adnan.h@almadapaper.net
معه حقّ، كلّ الحقّ، رئيس الوزراء حيدر العبادي، في إبداء الاستغراب وحتى الاستنكار حيال إقدام أشخاص عُرفوا بتأييدهم، وحتى دعمهم، للتنظيم الإرهابي، داعش، على الترشّح إلى الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
غير مقبول أن يحصل هذا.. داعش ارتكب جريمة كبرى في حقّ الشعب العراقي، بمختلف قومياته ودياناته ومذاهبه وعقائده السياسية. ما مِنْ عراقي لم يتضرّر مادياً أو نفسياً من الفظائع التي ارتكبها داعش .. نستثني هؤلاء الذين يعترض السيد العبادي عن حقّ على ترشّحهم. الذين أيّدوا داعش والذين دعموا داعش والذين سهّلوا لداعش أن يفعل فعلته الشنيعة بأيّ شكل وأيّ مستوى، شركاء له في جرائمه.
أفترضُ أنّ رئيس الوزراء لا ينطق عن الهوى في هذا الخصوص، فلابدّ لديه وحكومته ما يؤكد ويُثبت. عليه، يكون مطلوباً منه الآن ألا يكتفي بالكلام، فمِنْ أوجب واجباته وحكومته أن يحولا دون وصول الدواعش إلى البرلمان، بتقديم ما لديهما من أدلّة وقرائن إلى جهاز الادّعاء العام. بخلافه يكون رئيس الوزراء وحكومته متواطئين مع الدواعش.
لكنْ، لا يتعيّن أن يرى رئيس الوزراء بعين ويعصب عينه الثانية .. ثمّة إلى جانب الدواعش المتقدّمين إلى الانتخابات، فاسدون ومُفسدون، فضلاً عن الفاشلين الخائبين في السياسة والإدارة وكلّ شيء، قد أقدموا هم أيضاً على الترشّح في هذه الانتخابات. الفاسدون والمفسدون ومعهم الفاشلون، ليسوا أقلّ خطراً من الدواعش، والفساد ليس أهون شرّاً من الإرهاب. هذا بالذات ما قاله وكرّر القول فيه غير مرّة رئيس الوزراء نفسه .. هو محقّ في هذا بالطبع، فالفساد هو الذي أتى بداعش ممّا وراء الحدود، والفساد هو الذي جعل جيشاً جرّاراً مسلّحاً بأفتك الأسلحة يهرب (بأوامر من قيادته) أمام بضع مئات من شُذّاذ الآفاق، والفساد هو الذي ترك خزينة الدولة خاوية، وعطّل خطط التنمية، وأوقف العمل بالمستشفيات والمدارس والمصانع والمزارع ومحطات الكهرباء والماء والسدود والموانئ ومشاريع السكن والنقل والسياحة.. الفساد هو الذي جعل ربع السكان في واحدة من الدول الرئيسة المنتجة والمصدّرة للنفط يكابدون المجاعة تحت خط الفقر، ومثلهم يعانون من البطالة، معظمهم من خريجي الجامعات.
التصدّي للدواعش ومنعهم من دخول البرلمان أمر متوجّب، بيدَ أنه وحده لا يكفي، فإبقاء أبواب البرلمان مفتوحة أمام الفاسدين والمفسدين والفاشلين يعني الإبقاء على طرق العراق سالكة من جديد أمام داعش وسواه من منظّمات الإرهاب.
لينظرْ رئيس الوزراء في الأسماء المدرجة على قائمة ائتلافه الانتخابي، وليعدَّ كم فاشلاً وفاسداً قد تسلّل إليها (هل حقاً تسللوا!؟) ... ولينظرْ في قوائم الائتلافات الأخرى التي سيسعى إلى التحالف معها في سبيل تكوين الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة المقبلة، وليرَ إلى عدد الفاسدين والمُفسدين والفاشلين المزدحمين فيها ممّنْ ما كان لهم أن يكونوا، كما الدواعش، على هذا القدر من الوقاحة ليتحدَّ الجميع، لو لم يتهاون السيد العبادي في ملاحقتهم ومكافحة فسادهم.